الإرهاب الإلكتروني في منطقتنا العربية

02:57 صباحا
قراءة دقيقتين
سلطان حميد الجسمي

فشل كبير مرت به كثير من الحروب العسكرية وبالأخص في الشرق الأوسط، والتي باءت بالفشل من الناحية السياسية والاقتصادية، كما هو حال الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الحروب التي تخوضانها في العراق وسوريا تحت مظلات عدة، والتي أنهكتهما سياسياً واقتصادياً. وعلى عكس التحاليل والتقارير التي تربط هذه الحروب بالتوسع الجغرافي والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط فإن الواقع يقول غير ذلك، فإن أصحاب هذه الحروب لا يزداد توسعهم ولا نفوذهم، بل تتأثر علاقاتهم مع الدول سلباً كما هو الحال في العراق اليوم. فالعراق كلما زاد التوتر على أراضيها من جانب القوات الأجنبية مثل إيران والولايات المتحدة الأمريكية، خصصت قوانين أكثر للتضييق عليهم، وازداد الضغط عليها لطرد القوات الأجنبية من أراضيها؛ لكي تكون دولة ذات سيادة، ولا تكون سماؤها مرمى لصواريخ القوات الأجنبية، ما يؤكد أن هذه الحروب اليوم ليست مجدية وغير محققة للأهداف الكاملة، ولأن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الحروب هو تهييج الرأي العام، وتغيير صور رموز الدول وتحريض الشعوب، فقد أصبح الخيار البديل الأمثل لذلك هو استخدام الحروب الإلكترونية.
اليوم نرى جناحاً من قوى الشر ينظم الحروب الإلكترونية بشكل منظم ومستمر ضد دول يستحيل دخولها بقوة السلاح والعسكر بسبب مكانتها العالمية والتاريخية، ومن ضمن هذه الدول اليوم التي تتعرض للإرهاب الإلكتروني، مصر والإمارات والسعودية، ويرجع ذلك للنجاح الملحوظ اقتصادياً وسياسياً لهذه الدول، فبات الهجوم الإلكتروني ضدها سلاح تلك الأجنحة الإرهابية، فالشائعات تطال هذه الدول برموزها وحكوماتها وحتى بشعوبها بأبشع صور القذف والسب والمؤامرات والدسائس والأكاذيب التي ليس لها وجود أو أدلة، وإنما الهدف منها التلاعب بعقول أناس تعودوا التقاط مثل هذه الشائعات وتداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الشائعات والحرب الإلكترونية إنما تضر أصحابها، وتنقلب عليهم كما ينقلب السحر على الساحر، فالعقول أكثر وعياً وإدراكاً بهشاشة وزيف مثل هذه الألعاب.
بعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، انكشف الوجه الآخر والحقيقي للمتآمرين الإعلاميين وقادة تلك المنظمات، فكثير من الناس الذين كانوا يطبلون لحماس و«الإخوان المسلمين» في العالم خاب أملهم بهم بعد تمجيدهم لسليماني، وخيبة الأمل هذه جعلت الجناح الإلكتروني يصدر تعليمات بالقيام بعمليات إلكترونية كبيرة ضد بعض الدول للتغطية على فشلهم، وجلب انتباه الناس وتشتيت آرائهم، في محاولة لإعادة المياه لمجاريها بعد انسحاب الكثير من الجماهير التي غسلت أدمغتها بكره الدول الناجحة.
يتجه العالم اليوم إلى أن يكون استخدام الوسائل الإلكترونية جزءاً من الحياة اليومية للبشر 100%، سواء في الخدمات أو الممارسات التي يقوم بها أفراد المجتمعات، وتحاول المنظمات الإرهابية والدول المعادية استغلال ذلك باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي؛ للتشويش على رموز الدول والتحريض عليها. ولذلك فالحذر من هذه الآفة الخطِرة أصبح واجباً وطنياً على كل شخص يحمل الولاء لدولته، وأصبحت محاربة هذه الهجمات ذات أهمية قصوى باتخاذ كل التدابير، ووضع القوانين لحماية الواقع الإلكتروني من المخربين، ليعم الاستقرار والسلام منطقتنا العربية والعالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"