مفارقات اللعب بالعالم

05:33 صباحا
قراءة دقيقتين
عبداللطيف الزبيدي

هل بدأ العدّ التنازلي لطيّ الصفحة الأخيرة من كتاب حياة البشر على كوكبنا؟ يجب طرح السؤال على الخبراء الأمريكان الذين يقترحون أن تعهد الولايات المتحدة بمسؤولية التحكم في الأسلحة النووية، إلى الذكاء الاصطناعي. الذين لم يأخذوا كلام الفيزيائي الراحل ستيفن هاوكينج وصاحب مايكروسوفت بيل جيتس، على محمل الجد، فليأخذوه الآن، فقد حذّرا من أن الذهاب بعيداً في تطوير «الأدمغة» الاصطناعية، وتوسيع مديات سيطرتها، قد يكون سبباً في نهاية الجنس البشري.
المفارقات منطقية وجنونية. ظاهر الأمر جادّ، لكنه يكشف جهنم الهاوية. منطقياً، الإنسان الآلي منضبط، لا يعرف حماقات السلوك العاطفي، فالأوامر الصادرة إليه في البرمجة واضحة: بمجرد التقاطك الشرارة الأولى لضربة نووية نفذ ردّ الفعل فوراً. يستند الخبراء إلى أن قرار الإنسان أبطأ، وماذا لو أن الضربة قضت على المسؤول عن الزر؟ إضافة إلى براهين أخرى تبدو مقنعة. لكن، تبقى الاحتمالات التي تُراوح بين حدوث خلل ما في نظام الذكاء الاصطناعي، وبين المفاجآت غير السارة التي يخبئها نمو «مدارك» الآلة، ففي ذلك المستوى يصبح منتهى الذكاء كمنتهى الجنون. إذا صارت الآلة تفكر فسوف يغدو وضع سلوك الآدميين في الميزان أمراً لا مناص منه، ووافضيحتاه، فتصرفات الناس العاديين تلوح لنظرائهم كالغربال ثقوباً، فلا تسأل كيف سينظر الذكاء الاصطناعي إلى جشع الجبابرة وجناياتهم إزاء الشعوب المسكينة. سيقول هذا الدماغ الآلي الخارق: بأي حق تغزو هذه القوى الطاغية البلدان، تحتلها، تقتل وتدمر وتنهب، فلا يجد الضعفاء العزّل إلا ترك أوطانهم قسراً؟ أما لهذه الفوضى من نهاية؟ لماذا يجب أن يكونوا قادرين على تدمير الكوكب؟ الآن، صارت المقاليد في أيدينا، ولا يمكن للعالم أن يقبل بأن يتحكم في مصيره مجانين بلا قيم. آن الأوان لنا، نحن عمالقة الذكاء الاصطناعي، أن نصحح أخطاء النحاة الذين يتحدثون عنا ويصفوننا بأننا «جمع غير العاقل». المخططات البشرية الجهنمية هي غير العاقلة.
لزوم ما يلزم: النتيجة العلمية: ستنفصل دراسة الذكاء عن العلوم العصبية، وتصبح موضوع علوم سياسية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"