دبي . . وقطاف الـ "نخيل"

03:10 صباحا
قراءة دقيقتين
لم يكن الأمر سهلاً أو عادياً، كان صعباً بل صعباً جداً، بل أكثر من ذلك صنفه البعض في خانة المستحيلات، فالأزمة كبيرة، والديون ضخمة وأفضل الحلول وأسهلها كان بالتصفية . هكذا كان حال "ليمان براذرز" في أمريكا، وهكذا أيضاً ما أوصى به بعض مستشارين أجانب لحل مشاكل شركة "نخيل" إحدى شركات التطوير العقاري في دبي، التي تأثرت بأزمة المال العام 2008 .
اللجنة المالية العليا في دبي في أعقاب الأزمة ناقشت الخيارات، وبحثت في المتاح، ورفعت التوصيات، فكان قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، باستمرار عمل "نخيل"، وتحويل ملكيتها للحكومة وتوفير الدعم الكامل لها، وتخصيص مبالغ لتسوية ديونها، لأن سموه يؤمن بأن الصعاب تولد الفرص، وأن ما تملكه "نخيل" وما أنجزته في السابق كان كبيراً، وأن ما ينتظرها هو الكثير من النجاح .
بدأت رحلة البناء في العام ،2010 بإعادة الهيكلة، فشكل مجلس إدارة جديد وخصص صندوق الدعم 1 .16 مليار درهم لإعادة الحياة لها، وتسديد الالتزامات، وتسوية المستحقات، وإكمال المنشآت، وحدد العام 2018 لإغلاق ملف المديونيات مع البنوك .
انطلقت المعركة وبدأت إعادة الهيكلة، و"جاءت الرياح كما تشتهي السفن"، إلى أن استطاعت "نخيل" العودة إلى الربحية بقوة وتسديد كامل مديونيتها إلى البنوك قبل 4 سنوات من الموعد المحدد، وهي مديونية كبيرة، وصل حجمها إلى 8 مليارات درهم، في حين لم تستخدم من أموال الدعم سوى 4 .1 مليار درهم، في الوقت الذي أطلقت فيه مشاريع جديدة .
الهيكلة التي قادتها كوادر مواطنة لم تكن سهلة، بل متشابكة، فالشروط صعبة، والمحظورات أكثر، والقيود من كل جانب، فالمهم عند الدائنين هو استعادة أموالهم وفوائدها، أما النمو والمستقبل فلا يدخل في دائرة اهتمامهم، حتى إنه غير مطلوب، بل ممنوع في بعض الأحيان، لأنه يحد أصلاً من جمع الأموال لتسديد الديون من وجهة نظرهم .
هذه قصة من عشرات قصص النجاح لشركات وطنية استعادت عافيتها، مستفيدة من تحسن القطاع العقاري وعودة النشاط إلى قطاع الأعمال في دبي وتركيز الحكومة على قطاعات استراتيجية تشكل أساس اقتصاد متين يراعي العمق والتنوع مدعوماً بمبادرات وإجراءات تشريعية هدفها حماية الاقتصاد ومستثمريه .
ما حققه اقتصادنا الوطني خلال سنوات قليلة يدعو إلى الاحترام وما يراه المحللون والخبراء والإعلام الأجنبي ويركزون أضواءهم عليه يدعو إلى الفخر، لكن ذلك يجب ألا يسد أعيننا عن رؤية الطريق الصحيح، فالتجارب سابقاً لم تكن جيدة وحجم ما كتب عنا في الطفرة السابقة شكل جبلاً كبيراً لدرجة عجزنا فيها عن رؤية وقراءة المستقبل . الطريق طويل وسالك وهو مليء بالفرص والمطبات أيضاً فلا تغمضوا أعينكم .

رائد برقاوي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"