دردشة التهنئة بالسيارة الكهربائية

03:01 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

هل يجرؤ القلم على إعطاء القارئ معلومة غير دقيقة؟ الاستنباط لاح له صحيحاً، لكن بعد ظهور الماورائيّات وجب التصحيح، «والعذر عند كرام الناس مقبول».
في عمود الأمس «انتصار الرفض على الفرض» (13 يناير)، جاء أن رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي مرشد حزب حركة النهضة، أدرك في جلسة التصويت على منح الحكومة المقترحة الثقة، أن حجب الثقة واقع لا محالة، فانسحب من رئاسة الجلسة بعد المداخلة الثانية، التي كانت كالأولى، قصفاً مباشراً.الحقيقة التي خفيت على القلم أشدّ مرارة وأعنف صدماً، ما دعا المعارضين في البرلمان وخارجه، إلى دعوة النواب إلى سحب الثقة برئيس البرلمان، فالبرلمان لم يعد «برّ الأمان»، واتهموه بأنه «ارتكب خيانة في حق السيادة التونسية».
الغنوشي لم يرد تلقي الهجمات مباشرة فانسحب، فقد عرف النواب أن الحزب لفّق التشكيلة وغلّفها ولفلفها، لكن ردّ فعله الغريب هو أنه طار فوراً إلى إسطنبول للقاء الرئيس التركي أردوغان في اجتماع مغلق!!
من أين يبدأ المتابع الحيرة في وضع قائمة الأخطاء الغرائبية في هذه الحركة المريبة؟ رئيس السلطة التشريعية يطير بصفته الإخوانية، ضارباً عرض الحائط بمنصبه، إلى خلوة مع رئيس هو زعيم كل «الإخوان المسلمين»، الطرف العسكري المقاتل في جحيم ليبيا التي تعادل جغرافيتها إحدى عشرة مرّة مساحة تونس، وهذا توريط في مرحلة حسّاسة تبحث فيها الجمهورية الثانية عن النجاة سياسياً واقتصادياً، بعد إنجاز انتخابي رئاسي كبير.
ظريف أن «النهضة» برّرت الزيارة إلى إسطنبول بدعابة لم يعهدها أحد فيها، قالت: «إن المرشد ذهب لتقديم تهنئاته بمناسبة السيارة الكهربائية التركية الأولى». قل: كيف يشكو المنتجون شح النصوص الكوميدية؟ هل ثمة كوميديا ألذع وألسع من هذه؟
المسألة واضحة، كالنهار، لا تحتاج إلى دليل، فالغنوشي كأنه قال في الخلوة الأردوغانية: «حكومة النهضة سقطت، النجدة، سلّمت أمري إليك.سأكون معك في ليبيا، فكن معي في تونس». كلا، فبالرغم من أن التسرع في التحليل وإبداء الرأي في الشؤون السياسية طيش، فإن المعادلة البرلمانية برهنت على أن البرلمان في تونس ليس فريسة سهلة، ولن تسمح الديمقراطية التونسية، حتى وهي فتية، بزلة مزلزلة كأن يكون القرار السيادي في الآستانة.
لزوم ما يلزم: النتيجة السؤالية: «النهضة» حتماً تعرف جواب التهنئة بالسيارة الكهربائية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"