حكومة السراج ومشروع أردوغان

02:58 صباحا
قراءة 3 دقائق
كمال بالهادي

وقعت حكومة فائز السراج وتركيا اتفاقاً بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط. ولم تقدم الحكومة التركية تفاصيل عن الاتفاق، كما لم تكشف التفاصيل عن اتفاق آخر لتوسيع نطاق التعاون الأمني والعسكري.
ولم تذكر أنقرة أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، لكن عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا تغضب كلاً من القبارصة اليونانيين واليونان والاتحاد الأوروبي، وكذلك مصر. وقد رفضت اليونان الإعلان ووصفته بأنه أمر مناف للعقل من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي. والتوتر يتصاعد بين أثينا وأنقرة بسبب تنقيب تركيا في شرق المتوسط قبالة ساحل قبرص المقسمة. فيما وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا قبل أسبوعين لمعاقبتها على عمليات التنقيب قبالة ساحل قبرص في انتهاك للمنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة قبالة الجزيرة المقسمة. ويضع هذا الخلاف تركيا في مواجهة مع عدة دول في شرق المتوسط أبرمت اتفاقات بحرية وأخرى تتعلق بمناطق اقتصادية مع اليونان وقبرص، ما يترك أنقرة بلا حلفاء تقريباً في المنطقة.
وأكد فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي، أن الاتفاق الذي جرى توقيعه بين أردوغان والسراج، بشأن ترسيم الحدود البحرية باطل وغير شرعي، على اعتبار أن صفة الاتفاق غير دستورية، مشيراً إلى أن السراج جهة غير ذات صفة، كما أن تركيا غير معنية بهذه المياه. كما أن رئيس مجلس النواب الليبي، خاطب الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الصدد، وشرح له أن المجلس الرئاسي الليبي، برئاسة فايز السراج غير دستوري، وأن دخول تركيا في هذه المياه، يعتبر اعتداء على السيادة الليبية. وأصدر المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، بياناً استنكر فيه أي اتفاق يمنح الإذن للتدخل الخارجي في شؤون البلاد، ما يعتبر مساساً بالسيادة الوطنية، داعياً الشعب الليبي إلى وحدة الصف، عبر لقاء ليبي وطني يحول دون أي تدخل خارجي.
وأعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أن توقيع حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج على مذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع الحكومة التركية باطل لا ينتج أي أثر في مواجهة الدولة الليبية. وأكد البيان على أن تركيا أصبحت طرفاً مباشراً يهدد مصالح الشعب الليبي في قيام الدولة من خلال تهريبها كافة أنواع الأسلحة لصالح المجموعات الإرهابية والميليشيات المسلحة بالإضافة إلى تهديدها لمصالح دول المنطقة من خلال محاولتها السيطرة على مقدرات المنطقة الاقتصادية بحوض البحر المتوسط.
ونددت مصر، التي توترت علاقاتها مع تركيا منذ عزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013، بالاتفاق باعتباره «غير شرعي ومن ثم لا يلزم ولا يؤثر على مصالح وحقوق أية أطراف ثالثة، ولا يترتب عليه أي تأثير على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط، ولا أثر له على منظومة تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط».
الواضح أن تيار جماعة الإخوان المسلمين ومشتقاته الإرهابية، الذي تم قصّ أطرافه في كل من سوريا والعراق وفي مصر، لم يبق له جغرافياً سوى أجزاء قليلة من العاصمة الليبية طرابلس وطبعاً أنقرة عاصمة الخليفة الموعود أردوغان. وأمام هذا الوضع الإقليمي الجديد، لم يجد أردوغان غير الجغرافيا الليبية، التي قال عنها منذ أيام إنها «كانت ملكاً للأجداد»، وهو يحاول عبثاً إحياء مشروع إخواني متداع فكراً وممارسة، ويعتمد على حكومة هي أكثر هشاشة وضعفاً من مشروعه الإخواني. اتفاق سيبقى حبراً على ورق لا محالة ولن يغير من حقيقة الأرض، فهي ملك لليبيين وحدهم، وحكومة الوفاق باتت رأس حربة في مشروع أردوغان الإخواني، ولن يكون مصيرها إلاّ مصير جيش أنطوان لحد في جنوب لبنان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"