نحتاج للثقة

04:58 صباحا
قراءة دقيقتين
شيماء المرزوقي

في بعض الأحيان تعترينا مشاعر غريبة، ومتضاربة، تتعلق بمدى مستوى الثقة سواء بأنفسنا أو بالآخرين ممن يحيطون بنا من المقربين أو ممن نتعامل معهم يومياً في مقر العمل أو التعليم أو نحو ذلك.

قد يصح القول: إن الثقة تشبه معدل القياس، الذي يرتفع مرة، وينخفض مرة أخرى؛ فعندما نسمع كلمات التشجيع والمديح، يصل مؤشر الثقة بالنفس لأعلى درجة، وعندما نتعرض لإخفاق أو تدنٍ في المستوى لأي سبب ما، نشعر بأن هذه الثقة في الحضيض أو في أدنى مستوى.

لكن الموضوع يتجاوز الثقة بالنفس، ليصل إلى الثقة بالآخرين، خاصة بالمقربين سواء أكانوا من داخل الأسرة أو من الصديقات. وموضوع الثقة من المواضيع الحيوية، والمهمة في حياتنا، والتي لها تأثير بالغ على قراراتنا ورؤيتنا للمستقبل ومسيرتنا، ورغم هذا فإنه لا يتم منحها الاهتمام الكافي، ولا المعرفة التي تستحقها، وأقصد أننا لا نعطي الثقة ما تستحق من الرعاية، وتنبه الآخرين لمفعولها السحري، وأثرها البالغ.

أسوق لكم مثالاً للمزيد من التوضيح: الأم أو الأب.. إذا جلس أي واحد منهما مع ابنهما اليافع، وناقشاه في بعض السلوكات الخاطئة التي صدرت من هذا الابن؛ عندما تهيمن لغة الحدة والقسوة والتأنيب..، فإن هذا الابن قد يتجنب هذا السلوك؛ بداعي الخوف فقط؛ لكنه غير مقتنع، أما إن وجه الأب لابنه كلمات المديح والتشجيع، وأبلغه بأنه يثق بقدراته، ويثق بعقله لمعرفة أن هذا السلوك خاطئ، فإن هذا الابن عندما يتجنب الخطأ؛ سيتجنبه لقرار هو أصدره؛ لأن الثقة بنفسه غمرته، وباتت لها الكلمة العليا في عقله.

زرع الثقة في أطفالنا، وتعويدهم على تحمل المسؤولية في مختلف قراراتهم حتى تلك الصغيرة، التي تتمثل في اختيار لعبة ما، يعني منحهم مجالاً واسعاً؛ للتعرف إلى أثر تلك القرارات، وأثر اختياراتهم في حياتهم، ومن دون شك أنه لا يمكن منحهم هذا الشعور بالمسؤولية دون منحهم الثقة الكاملة الوافية، وإشعارهم دوماً بأن هناك أناساً يثقون بهم تماماً.

في مجال العمل والوظيفة، الصور متعددة في هذا الجانب، ولها أثر أكبر؛ لأنها تمس الدخل المادي، عندما يفقد رئيس أو مدير ثقته في موظف ما، فهذا يعني عدم الترقية، وعدم المكافأة، وهنا يكون ثمن عدم الثقة مؤلماً. نحن جميعاً نحتاج بطريقة أو بأخرى إلى أن نمنح الثقة للآخرين، وأيضاً نحتاج أن نشعر بأن الآخرين يثقون بنا. ببساطة يجب أن نصدر الثقة للآخرين، وأيضاً نستقبلها؛ لتساعدنا على تجنب أزمات الحياة.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"