دعابات في المنتجات

03:06 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

كم حجم ما كتب عن المنتجات العربية طوال عقود؟ مراكز التسوّق لا تسع بضائعها موسوعة. أمّا السلع العربية، فلا تريد لك أن تشقى، في لمح البصر تظفر بها. ها أنت دخلت هايبر ماركت كملعب كرة القدم، تجد فيه عالماً، ما خلا الطائرات والسفن والمركبات. ستجدها أمامك، كما لم يقل محمد إقبال: «بِضاع الأرض للأسواق تسري.. ويُدركها الزبون بلا عناءِ».

سيدهشك أن منتجات المشارق والمغارب متداخلة، الصينيّ، الفرنسي، الإيطالي، الكوري، البرازيلي، الفيتنامي، الألماني، التايلندي، الهندي، اليوناني، لا أقل من مئة دولة في سوبرماركت.

صحيح أن البضائع منظمة ومرتبة، لكل جناح رقم ومحتوى، لكن منتجات البلدان متجاورة. إلاّ العربية فإنك لا تخطئ العثور عليها، كأنّ في الأمر نوعاً من التخصص. قبل دخول المتجر باحثاً عن منتج عربي عليك بعمليات الطرح، المكان الذي لا تجده فيه. توكلنا على الله: لا تحاول البحث عن الإلكترونيات والكهربائيات العربية، لا الحواسيب والجوالات والأجهزة السمعية البصرية، ولا الثلاجات والطباخات والخلاطات والمكانس الكهربائية، قس على ذلك الساعات إلخ. القرطاسية؟ انسَ الموضوع، فكأنها تصنع بمعادلات الفيزياء النووية. كل ما يلزم المطبخ من قدور وصحون وملاعق وأكواب وغيرها، ستراها من كل الأصقاع، إلاّ العربية. عشرات ألوف السلع والمنتجات اشطبها من ذهنك إذا كنت تروم أن تزيّن منزلك بشيء عربي.

أبشر، فسوف تنال مرادك بلا معاناة: اتجه فوراً حيث الزعتر، القراسيا، التمر، الأجبان، الملوخية، الزهورات، الزيتون وزيت الزيتون. الفول بخلطاته المتنوعة لم يعد حكراً على العرب، لتسخينه تحتاج إلى كبريت السويد والهند. التاريخ الحديث كله لم يكن كافياً لصنع علبة كبريت، العمى. لو قلت لصينيّ إن عود الثقاب يلزمه أكثر من قرن ومئات الملايين من البشر، لسقط مغشيّاً عليه. لكن الطرح على هذا النحو غالباً ما يؤخذ على أنه جلد الذات، لكن لا أحد يقول لنا لماذا لم يدع النظام العربي منذ مطلع القرن العشرين إلى اليوم، سبلاً أخرى لحلّ معضلة التنمية غير سياط جلد الذات، التي ثبت أنها لا جدوى من ورائها، بدليل أن هذا المبحث تحديداً، تناوله الجادّون في البحوث والدراسات، وطوّح به أهل السخرية والدعابة والنكت في كل أرجاء العالم العربي والنافع الله.

لزوم ما يلزم: النتيجة التقريعية: اليوم لا تفخر الدول المتقدمة بصناعة القدور والمعلبات، الأهداف الآن مستقبل الذكاء الاصطناعي والعلوم العصبيّة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"