هل حان وقت الكلمة الأخيرة في المسلسلات؟ الأغلبية لا تخلو من التنوع: درجات في الدركات، ومستويات في الانحدارات. هل نشكر الجائحة على عرقلتها بعض الأعمال والحيلولة دون اجتياحها شاشات الذين لا معيل لهم ذوقياً وفنياً؟
القلم يخبئ للمشاهدين مفاجأة غير سارة، بل محبطة، بل تبعث على الإحساس بالصدمة والترويع، بل تنبئ بمأساة إذا لم يوضع حد للهبوط. لا شك في أن أحداً من أهل النقد في وسائط الإعلام، لم يستشرف هذه المسألة. من الضروري طرحها الآن، لأنها لا جدوى منها غداً ولا قيمة لها إذا صارت خبراً إنشائياً بعد وقوع الواقعة.
في هذا الشهر الفضيل بالذات، قطعت المسلسلات أشواطاً بعيدة في استباحة القيم بشتى أصنافها لسياسية، الأخلاقية، التربوية، وهلم إسفافاً. شرح أشكال الاستنكار يطول، والقارئ فطن لبيب يدرك ما وراء ما نقول. هل تدرون ما الذي سيحدث قريباً استعداداً للجولات الإنتاجية المقبلة؟ سيجد المغردون خارج السرب ألف دعم مادي و«معنوي»، وستفتح لهم «نتفليكس» وأخواتها أحضانها، تحدياً للفضائيات العربية: دمروا قيمكم وسنوصلكم إلى العالمية؟ ألستم طيوراً مهيضة الجناح، ستبلغون قمماً تبدو عندها قمة إيفريست كأنها شبر أو فتر. أنتم ينقصكم الخيال في فتات أعمالكم، ونحن سنغمركم بأحابيل الخيال، سنجعلكم تنهشون قيمكم بأسنانكم، مثلما جعلنا شراذم التطرف والعنف يفترون على دينهم وتعاليمهم، بل صيرناهم الوحيدين الذين يحملون اسم «الدولة الإسلامية»، اسماً يتردد في كل القارات. أنتم أيضاً سنوصلكم إلى عالمية كتلك سترون النقلات النوعية. سنضع تحت تصرفكم الطائرات والسفن والأموال الطائلة للإنتاج على الطرائق الهوليوودية. المهم أن ترضى عنكم الجهات العليا المتقنعة بقناع «المجتمع الدولي» و«الشرعية الدولية».
أعدّوا أنفسكم لأعمال تنتهك كل حرماتكم ومقدساتكم وقيمكم وهويتكم وسيادتكم، وسترون كيف يكون بلوغ الأمجاد العالمية في الإنتاج. نحن لا نريد منكم شيئاً غير المسخ والانسلاخ. لكن يجب أن تعلموا أن ما عرضته فضائيات معينة هذا العام، ليس سوى تمارين باهتة. تلك قشور، أمّا اللباب الذي ستأكلون به كباب الشهرة العالمية، فلن تفطنوا سريعاً إلى أنه سيجعلكم تتوهمون أن الهباب كباب.
لزوم ما يلزم: النتيجة العيدية: أجمل عيدية في رمضان المقبل، هي أن يمرّ الشهر وليس فيه ولا حتى مسلسل واحد. كل عام وأنتم غير مسلسلين.
