الإصغاء لما يقول الفلسطينيون

02:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

يارا هواري *

أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو مؤخراً، عكس السياسة الأمريكية المعمول بها منذ عقود، تجاه مستوطنات «إسرائيل» غير الشرعية في الضفة الغربية، وقال: «إن إقامة مستوطنات مدنية «إسرائيلية» في الضفة الغربية، لا تتعارض، في حدّ ذاتها مع القانون الدولي».
وفي غضون ساعات من تصريح بومبيو، أصدرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، والسياسة الأمنية، فيديريكا موغيريني، بياناً يؤكد أن موقف الاتحاد الأوروبي من عدم شرعية المستوطنات «الإسرائيلية» في أراضي 1967، يبقى «واضحاً ولم يتغيّر»، وأكدت أن «جميع النشاط الاستيطاني غير شرعي بموجب القانون الدولي».
وقال ناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إن القرار «يتعارض تماماً مع القانون الدولي» ووصفه كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، بأنه «تهديد للاستقرار، والأمن والسلام في العالم». وبالمثل، دانت منظمات حقوق الإنسان، بما فيها منظمة «هيومان رايتس ووتش»، و«منظمة بيتْسيلِم»، هذه الخطوة.
ويصف كثير من الخبراء الخطوة الأمريكية، بأنها «هدية» أخرى إلى رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو من إدارة ترامب.
ففي عام 2017، اعترف ترامب بالقدس عاصمةً ل«إسرائيل»، وأعلن أنه سينقل سفارة الولايات المتحدة إليها. وبعد عام من ذلك، أعلن أن الولايات المتحدة ستقطع تبرّعاتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وفي مارس/ آذار من هذا العام، وقبل الانتخابات «الإسرائيلية» الأولى مباشرة، اعترف ترامب بضمّ «إسرائيل» عام 1981 لمرتفعات الجولان المحتلة.
كما أن توقيت «هديته» الأخيرة لنتنياهو، مثالي، حيث إن هذا لا يواجه فقط احتمال اقتراع برلماني ثالث خلال أقل من عام، بل اتهامات خطيرة بالفساد أيضاً. وفي حين أن هدايا واشنطن، تؤدي من دون ريب، إلى تدعيمه وحزبه، الليكود، فإن من الخطأ الاعتقاد أن هذه التوسعية العدوانية، ستزول معه، إذا فشل في البقاء في الحكومة المقبلة.
إن «بيني غانتس»، زعيم حزب المعارضة (أزرق أبيض) أيضاً رحّب بالخطوة الأمريكية، وكتب على تويتر، أنه يُثني على «موقف الولايات المتحدة الثابت من«إسرائيل»». ولكي لا ننسى، نُذكّر بأن غانتس، قبْل الانتخابات البرلمانية «الإسرائيلية» الثانية في سبتمبر، عندما أعلن نتنياهو خطته لضمّ وادي الأردن، سارع إلى القول إن نتنياهو انتحل الخطة وسرقها منه.
ومع أن من الواضح أن الأسس الدبلوماسية للتوسع والاستعمار «الإسرائيليّيْن» المستمرّيْن، قد وُضعت منذ زمن طويل، فقد رأيناها في ظل إدارة ترامب تتسارع.
إن هذا الإعلان الأمريكي الأخير، سيعطي الضوء الأخضر لزيادة الاستيلاء العنيف على الأرض الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني.
يبدو أن عكس سياسة الولايات المتحدة جاء بمثابة صدمة للمجتمع الدولي. ولكننا كفلسطينيين، رأينا ذلك يلوح في الأفق منذ زمن طويل، وقد قلنا عنه الكثير. ويُطلبُ منّا باستمرار عندما نتحدث عن واقعنا، ألا نتحدث فقط بتشاؤم وسوداوية. بل مطلوب منّا أن نتحدث بإيجابية وأمل. وبعد أكثر من 70 عاماً، وفي ضوء آخر «هدايا» ترامب ل«إسرائيل»، آن الأوان للمجتمع الدولي أن يكف عن إلقاء المواعظ علينا، بشأن الكيفية التي نروي بها قصتنا، وأن يبدأ في الإصغاء إلينا.
لقد آن الأوان للعالم لكي يُصغي إلى الفلسطينيين الذين ما فتئوا يقولون منذ اليوم الأول، إن دولة «إسرائيل» دولة فصل عنصري، عازمة على إبقاء الفلسطينيين أهلِ البلاد تحت القمع والاضطهاد الدائميْن. وقد حان الوقت للإصغاء للفلسطينيين الذين يقولون منذ عقود، إن «إسرائيل» لا تنوي السماح بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة. وقد حان الوقت للاستماع للفلسطينيين، عندما يقولون إنّ أموراً أسوأ، قادمة على الطريق.

* كبيرة زملاء السياسة في شبكة السياسات الفلسطينية. موقع: «كومون دريمز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"