دردشة في تعريف الحال

03:35 صباحا
قراءة دقيقتين
عبداللطيف الزبيدي

هل العالم العربي مقبل مِكرّ، أم مدبر مِفرّ؟ مأساة أن يلوح السؤال لأحد ساذجاً، لأنه يبوح بحيرة حيويّة وقلق وجودي، هما محور مستقبل الأجيال العربية. إذا أردت إذكاء الشجون فزد: هل الأوضاع العربية الحاليّة مقدّمات إقلاع، أم، لا قدّر الله، نذر وداع؟ ضبابية الرؤية مردّها إلى أن الخريطة العربية ليس لها حتى الساعة أيّ شكل من الأشكال التي تبشّر بنشوء توجّه عام إلى عمل مشترك يمكن أن يسفر، ولو في المدى المستبعد، عن إدارة متجاوبة وتعاون تنسيقي. التنسيق الوحيد الذي رأيناه كان أمنياً مع«إسرائيل»، ضمن قائمة«من يهن يسهل الهوان عليه».
البشرى الفيزيائية، هي العامل الوحيد الذي يبعث الأمل. في الفضاءات الكونية تلعب الجاذبية لعبتها السحرية، فتجتذب الأغبرة والغازات فإذا هي شموس لها منظومات أو من دون. شتات العناصر موجود وليس خلواً تماماً من التشكّل، سوى أنه ليس بريئا كلّيا من الإصرار على التفرّق. الوعي والإحساس بالزمن واستشراف المخاطر لا تشترى من سوق، ولا توجد مطروحة على الطريق. العبثيّة السيزيفيّة و«نقص القادرين على التمام» لا يحتاجان إلى دليل، فالبشرى الفيزيائية قائمة، لكن: أين الجاذبية؟أين الفكرة المحرّكة؟ يجب الاعتراف قبل كل شيء بأن شعوباً عدّة، ومعها فئات شتى من شعوب أخرى أمست كلثوميّة الهوى: «عايزنا نرجع زيّ زمان..قل للزمان ارجع يا زمان».
ما المقدور عليه اليوم لكي لا يتحوّل العالم العربي إلى«جلمود صخر حطه السيل من علِ»، وما أكثر السيول؟على الشعوب والأنظمة أن تكون عمليّة، لأنها لا تملك ترف إهدار الوقت، الذي لم تجن منه قطميراً طوال التاريخ الحديث في الأقل. عليها أن تختار آخر صيحة إيديولوجية: التنمية، المصالح المشتركة، والتخلص من عقدة الفوقية التسلطية التي ترى الجماهير قطعاناً وأدوات إنتاج إقطاعي. هذا نتيجة تقليد المغلوب للغالب، خلدونيّاً، وقد فشلت القوى الاستعمارية في ذلك، وستفشل. الآن نحن أمام صفحات جديدة من كتاب التاريخ.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفلسفية: على العرب أن يعيدوا اختراع الجاذبية. النهضة ليست محالاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"