سلطان.. المثقف المؤسسة

04:25 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

لا يحتاج المرء المتابع لنشاط صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، داخل الإمارات وخارجها، لكثير من الجهد، بل إلى قليل من التمعن، ليدرك أننا أمام حالة فريدة جديدة في الثقافة العربية، يطلق عليها حالة «المثقف المؤسسة»، نعم سلطان مؤسسة ثقافية متكاملة الأبعاد.
تعود القصة إلى أكثر من أربعة عقود، عندما بدأت من مشروع انطلق من رؤية وضعها سموه مؤمناً بأهمية الاستثمار المعرفي في الإنسان.
ارتكز المشروع على ثلاثة مقومات، أولها في التأسيس لركائز ثقافية في مختلف الحقول الأدبية والفنية، حوّلت الفعل الثقافي إلى خبز يومي في الإمارات، وثانيها، النجاح اللافت في الوصول باسم الشارقة والإمارات إلى رقم ثقافي صعب في المحيط العربي، وثالثها، النشاط الذي لا يهدأ في تعريف الآخرين بالثقافة العربية، بكل ما ينتج عن ذلك من تحسين صورة العرب في الغرب، واستعادة مكانتنا الثقافية في العالم.
يؤمِن سلطان بقوة الثقافة الناعمة في العلاقات بين الشعوب، وقدرة الثقافة على تغيير رسم الصور النمطية التي لحقت بأمّة ما، وهو دور يعرف الجميع أن الثقافة العربية المعاصرة، ولعوامل عدة، في أمسّ الحاجة إلى من يقوم به.
المتابع لكتابات ونشاطات صاحب السمو حاكم الشارقة، يدرك بوضوح أن سموه وضع على كاهله القيام بهذا الدور الذي يحتاج إلى تضافر جهود عدة، مراكز ثقافية وإعلامية وبحثية، في الوقت نفسه.
يحلم سلطان بثقافة عربية تحلق بعلومها وفنونها وآدابها في مختلف بقاع الأرض.. يحلم بعالم يدرك أن لغة الحوار والنقاش لغة عربية صميمة.. يحلم بمستقبل يستطيع فيه كل منا أن يعتز بعروبته، ولا يدخر جهداً في سبيل ترجمة أحلامه في الواقع.
في كل كتابات حاكم الشارقة تسطع هذه الأحلام لتبهر كل قارئ، ففي مؤلفاته العلمية نجده باحثاً يتسم بهدوء المفكر، وبطول نفس المؤرخ، وبشغف الدارس الذي تتوزع مصادره على أرشيفات العالم، ومكتباته، يصحّح في هذا الكتاب معلومة، ويحلل في ذاك الكتاب خطأ فكرة ألصقت بمنطقة الخليج، أو العالم العربي. وفي مؤلفاته الأدبية دعوة إلى الحب والسلام.
ولأن الحلم لا حدود له، لا يكتفي سلطان بالتأليف، بل يترجم كتبه إلى الكثير من اللغات، وبدأب عز نظيره يسافر إلى مختلف بلدان العالم، لدعم الثقافة العربية، ليوصل رسالة مؤدّاها «نحن أمة تأسست على كلمة اقرأ».
يتجاوز الحلم المثقف الفرد، لنجد توجيهات سموه، كحاكم ومنذ سنوات طويلة، لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وهيئة الشارقة للكتاب، بالتواجد الفاعل والمؤثر في قارات العالم الخمس، ففتح بيوت الشعر في المنطقة العربية، وأوصل الخط العربي إلى الصين، واليابان، وحطّ الكتاب العربي في البرازيل، والمكسيك، واحتفت باريس، عاصمة النور، بمؤلفاته الأدبية، وقريباً تحتفي الهند وإيطاليا، وغيرهما.
درسُ سلطان للجميع، أيها المثقفون، والإعلاميون، والأكاديميون، عليكم الانخراط بقوة في العمل، والهدف تحقيق أحلام ثقافتنا العربية، تلك التي غرس بذورها سلطان منطلقاً من رؤية مؤسّسية لا تكلّ عن العمل لكلّ ما ينفع الناس، ويبقى في الأرض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"