خواطر في اكتشاف الموهبة

04:02 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

متى يولد النبوغ؟ إذا تأخرت العبقرية في تجلّيها، فهل يعني ذلك أن صاحبها لم يكن عبقرياً قبل ظهور الدلائل المادّيّة؟ جلال الدين الرومي تفجرّت موهبته الشعرية في الثامنة والثلاثين، فهل كانت قذيفة النبوغ في انتظار الصاعق؟ الشاعر المسرحي الفرنسي كورناي يقول: «القيمة لا تنتظر أبداً عدد السنين».
سنوات طفولة الأبناء يمرّ كل يوم فيها أطول من سنة على الآباء، الذين يتحرّقون شوقاً إلى رؤية أيّ قبس عبقرية يظهر في كلمة، في جملة، فتراهم يؤوّلون كل مفردة أو عبارة، مثلما يفعل الناس بأقوال الفلاسفة والمتصوفين. لكن الإحباط يورث الوجوم، عندما تأتي نتائج السنوات الأولى من الابتدائية بما يخيّب الظنون. ههنا تقع الطامّة الكبرى، إذا كانت الأسرة لا دراية لها بالرعاية التربوية الحديثة، أن تفتقر إلى أساليب تهيئة البيئة الملائمة لظهور التميّز، وطرائق سرعة اكتشاف الموهبة.
العقبة التالية، التي قد تقود إلى الخسارة الجسيمة، هي ضياع العبقرية جرّاء عدم رؤية ومضاتها. الخطأ الرهيب يتمثل أحياناً في أن قبس العبقرية يظهر محفوفاً بالسلبيات: كالشيطنة والفوضوية، الإخفاق في المقرر الدراسي أو في بعض المواد. المسألة أعوص إذا كانت العلة كامنة في المعايير التربوية والنفسية والاجتماعية الخاطئة لدى الآباء والسلوكيات الذهنية والماديّة في المدارس.
إذا أراد الآباء رعاية مواهب بناتهم وأبنائهم بالوقاية من الأخطاء وعدم الوقوع في العلاج الذي لا يجدي، فإن عليهم تهيئة التربة التي تستطيع أن تنبت فيها العبقرية وينمو التميّز والتألق والتفوق بشتى أنواعها وأشكالها. الأهمّ بلا منازع هو تنمية الخيال، لأنه ينبوع الفنون ومنبع العلوم. ذلك هو مفتاح كل الآفاق، الشعر والموسيقى والفيزياء والكيمياء. هل صادف أن فرك الطفل يديه، نقول له: إن تلك الحرارة ناجمة عن الاحتكاك بذرات الأوكسجين، الذي أتى إلى الأرض من النجوم، التي تصنعه في مليار درجة مئوية، فكوكبنا الضئيل أبرد من أن يصنعه، فنحن غبار النجوم. ها هو ذهنه قد حلّق في الكون بخياله الذي سيكون قادراً على الإبحار في الشعر والموسيقى والفلسفة أو في الأحياء والفيزياء الفلكية.
لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: موهبة الأبوين هي أن يجيدا اصطياد الأجنحة لخيال الطفل. ههنا مطار العبقرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"