هل تطلق النسخة الثانية من «داعش»؟

03:20 صباحا
قراءة دقيقتين
د.عبدالله السويجي

ذهبت قرارات القمة العربية التي عقدت في تونس مؤخراً، أدراج الرياح بعد أن أطلق عليها الرئيس التونسي «قمة الحزم والتضامن»، ودخل العالم العربي من جديد في توتر لم تتضح نتائجه بعد، وقد يقود هذا التوتر إلى فوضى أيضاً، أو في أسوأ الحالات إلى حروب أهلية، لاسيما وأن المنطقة مهيأة بسبب عدم حل مشكلاتها الأمنية والاقتصادية والتنموية.
لم يكن أحد يعتقد أن عمر البشير، الرئيس السوداني المخلوع، سيلقى هذا المصير، وربما لم يعتقد هو نفسه أن يُطاح به، فقد كرر الأسطوانة المشروخة ذاتها، أن بلاده تتعرض لتدخل أجنبي في شؤونها الداخلية بنيّة زعزعة الأمن، وظل يراهن على الجيش الذي انقلب عليه، وبالتالي كانت نهايته الاعتقال، كما أعلن الفريق أول ركن عوض بن عوف، الذي تولى قيادة المجلس العسكري الجديد، لكنه يوم الجمعة الماضي تنازل سريعاً عن هذا الموقع الذي تولاه بدلاً منه الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
السودانيون واصلوا احتجاجاتهم ضد ابن عوف، فالبديل كان شبيهاً للبشير، ومن أركان النظام، ولهذا اختصر الوقت وانسحب بهدوء، وربما تكون له اليد العليا في الخفاء، لكن في النهاية السودان على صفيح ساخن.
وفي الجزائر، وعقب استقالة عبدالعزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع، ظل الجزائريون في الشارع يتظاهرون بهدف التخلص من النظام، وليس من الشخوص، والانتقال إلى حكومة مدنية ينتخبها الشعب.
لكن الجزائر كما يبدو، قد تدخل مرحلة جديدة، خاصة بعد اعتقال مجموعة مسلحة بين المتظاهرين كانت تنوي استهداف رجال الأمن والجيش، ما يعني أن البلاد مهيأة تماماً لمرحلة جديدة فاصلة.
وفي ليبيا قرر المتصارعون اللجوء إلى الحل العسكري بعد سنوات من المفاوضات، وتقاسم السلطة، وهو تقاسم كانت خلفه، ولا تزال، دول إقليمية وخارجية، وبالتالي فإن الحل العسكري سيدوم طويلاً، وسيتسبب بالمزيد من الخراب لليبيا، ومؤسساتها، وشعبها.
وفي المنطقة أيضاً، ستتعرض إيران لأشد العقوبات الأمريكية في الثالث من مايو/أيار القادم، بعدما وضعت واشنطن قبل أيام «الحرس الثوري» الإيراني في قائمة الإرهاب، ويرى المراقبون أن مثل هذا الإجراء قد يتسبب بنشوب صراع مدمر.
الإطاحة بالرئيس البشير، والوضع في الجزائر، والصراع في ليبيا ،أجهزت على قرارات «قمة الحزم والتضامن»، وربما تحتاج جامعة الدول العربية إلى قمة أخرى للنظر في المستجدات، وستخرج ببيان إنشائي كالعادة، يوضع في الأدراج، ويستمر الوضع على ما هو عليه.
المستفيد الوحيد من كل هذا الخلل العربي هو «إسرائيل»، والولايات المتحدة الأمريكية، وكلتاهما، من حيث الفكر الاستراتيجي والسياسة الخارجية، دولة واحدة، تهدف إلى امتصاص خيرات العالم العربي، وإبقائه في فوضى عارمة إلى أن تقوم الساعة، الأمر الذي يدعو، بكل بساطة، إلى قمة عربية حقيقية، يكون فيها التضامن الحقيقي، والحزم الحقيقي، وأن يتم تفعيل ميثاقها، رغم مساوئه، بعيداً عن التدخلات الخارجية والإملاءات.
المخاوف من تكون هذه الاضطرابات الحالية في العديد من الدول العربية، وبالأخص في القارة الإفريقية، مقدمة لإطلاق النسخة الثانية من «داعش» لردع العرب، وتدمير ما بقي من مكتسباتهم، بعد أن تم إطلاق النسخة الأولى من هذا التنظيم الإرهابي في أعقاب ما سمي «الربيع العربي» في العام 2011.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"