الإمارات والمستقبل

04:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبدالله السويجي

الإمارات والمستقبل توأمان، يسيران جنباً إلى جنب نحو بناء دولة تتمتع باستراتيجيات التطوير وأسباب التحديث والحداثة كلها، تعيش في الحاضر وعيونها على المستقبل، متخذة من الماضي عراقته ودروسه النبيلة، مستلهمة تجارب القادة المؤسسين منهجاً، وأقوالهم حِكماً ومنارات، ودولة توظف هذه الثلاثية فكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، هي دولة تتطلع إلى الغد في أنظمتها التعليمية، وبرامجها الذكية، وأجنداتها التنموية، وسقفها أن تكون الدولة الأولى في كل شيء، معتمدة على طاقاتها البشرية، ومواردها الطبيعية، والتلاحم بين القيادة والشعب، الذي يتجلى يومياً في تعزيز الانتماء، وترسيخ الولاء لوطن العطاء وقيادته الرشيدة.
في نهاية الأسبوع الماضي، اعتمد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، التشكيل الوزاري الجديد للحكومة الاتحادية. الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعد التشاور مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وزارة دولة للذكاء الاصطناعي، مع تغييرات في عدد من الوزارات حرصاً على تطعيم مجلس الوزراء بالدماء الشابة الحيوية، صاحبة الأفكار المبتكرة، والرؤى الحديثة والمعاصرة، مواكبة للمتغيرات العالمية والفتوحات العلمية في شتى المجالات، وهذا التغيير جاء منسجماً مع رؤية الإمارات 2071، التي تتضمن «وضع رؤية استراتيجية وطنية لتعزيز سمعة الإمارات وقوتها الناعمة، وضمان وجود مصادر متنوعة للإيرادات الحكومية بعيداً عن النفط، إضافة إلى الاستثمار في التعليم الذي يركز على التكنولوجيا المتقدمة، وبناء منظومة أخلاقية إماراتية في أجيال المستقبل، وتعزيز التماسك الاجتماعي..». وقال صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء إن «الهدف كما حدده محمد بن زايد بأن تعيش أجيال المستقبل حياة أسعد في بيئة أفضل، ومع فرص أكبر وتواصل أقوى وأكثر تأثيراً مع العالم».
كل الأنشطة، من ندوات ومؤتمرات وخطط واستراتيجيات منشغلة بالمستقبل، وتناقش تحدياته، وهو النهج الذي أسسه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين رفع سقف الأحلام والطموحات، مستنداً إلى رؤية استشرافية حكيمة ومخلصة بعيدة المدى، وكان هدفه تحقيق السعادة لشعب الإمارات، وها هو الشعب يحوز على لقب عالمي كأسعد شعب.
إن أهم ما جاء في الخطط المستقبلية ومئوية الإمارات 2071، هو عدم الاعتماد على النفط، لأنه معرض للنضوب، ما يعني الاعتماد على العقل البشري الذكي، كما فعلت اليابان عندما حققت تنمية نوعية، وأصبحت نموذجاً للدولة المتقدمة التي حققت ثورة صناعية تكنولوجية، ضمنت للفرد الياباني دخلا يُعد من بين الأعلى في العالم، بعيداً عن الاعتماد على الموارد الطبيعية، حيث اعتمدت على التكنولوجيا التقنية المتقدمة، واستطاعت اليابان غزو الأسواق العالمية بجدارة، وأصبحت منافساً قوياً للدول الصناعية الأخرى، ومن جهة ثانية احتفظت بعاداتها وتقاليدها وأسلوب عيشها، فجمعت بين الأصالة والمعاصرة في مجالات التنمية كلها، وكان التعليم هو المحرك الرئيسي لعجلة التنمية واستدامتها.
ستحقق الإمارات هذه المعادلة، وستتخلص من اعتمادها على النفط، وقد قطعت مشواراً مهماً في هذا السياق، بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية خلال الربع الأول من العام الجاري 401 مليار درهم، مقارنة مع 388 ملياراً في الربع نفسه من العام الماضي، وكشفت البيانات الإحصائية الأولية للهيئة الاتحادية للجمارك عن أن حصة التجارة الخارجية المباشرة خلال الربع الأول من هذا العام شكلت 68% من إجمالي التجارة العامة للدولة بقيمة 272 مليار درهم، بينما شكلت تجارة المناطق الحرة نسبة 32% من الإجمالي العام للتجارة بما يعادل 129 مليار درهم.
إن أجمل ما نستقبل به العام القادم، الذي تم تخصيصه ليكون «عام زايد»، بناء على مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، هو هذه البيانات المهمة، التي تؤكد أن الإمارات تسير على الخط السليم والصحيح في تنويع مصادر الدخل. ولا شك أن عام زايد سيشهد المزيد من الإنجازات في هذا المجال، وستحتفل الإمارات مع الانتهاء من تنفيذ رؤية 2021 بأرقام ومؤشرات أخرى.
إن الحفاظ على هذه الإنجازات يكون بمزيد من التلاحم بين القيادة والشعب، ومضاعفة العطاء والابتكارات في العمل، والارتقاء بالنظام التعليمي بصفته المنتج الرئيسي للمخرجات النوعية، القادرة على قيادة المستقبل بعزم وإخلاص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"