حمى الله الخليج

05:21 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

أثارت العملية التخريبية التي استهدفت أربع سفن تجارية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات استنكار المجتمع الدولي وقلقه أيضاً، خاصة بالنظر للوضع الدقيق الذي تمرّ به منطقة الخليج العربي، جراء تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا تعد هذه العملية التخريبية استهدافاً للإمارات وحدها، وإنما للأمن والاستقرار وحرية الملاحة في المنطقة برمتها، وهي الأمور التي تحرص عليها دولة الإمارات والمنظومة الخليجية عامة التي يهمها ألا تنزلق المنطقة نحو مغامرات لن تجر وراءها إلا أسوأ العواقب على الأمن العالمي برمته.

غالبية التوقعات والتحليلات السياسية، إن لم تكن كلها، أميل إلى النظر لحال التوتر الحالية بين طهران وواشنطن على أنها اختبارات للقوة، أو استعراض لها، فإدارة ترامب ليست في وارد خوض حرب واسعة في المنطقة، فذلك لا يستقيم مع وعود ترامب نفسه بعدم توريط بلاده في حروب جديدة، وإعادة أكثر ما يمكن من الجنود الأمريكيين في مناطق التوتر إلى بلادهم، خاصة وأن لديه، في مواجهة إيران، بدائل أقل كلفة بكثير من المواجهة العسكرية، وأكثر فاعلية، وفي مقدمتها العقوبات الاقتصادية التي ستحكم الخناق على طهران، وتدفع الوضع الداخلي نحو الانفجار.

ومن جهتها فإن طهران ليست قادرة على مناطحة واشنطن عسكرياً، ودعك من كل الضجيج الإعلامي الذي تبثه أجهزتها وأجهزة حلفائها العرب بتهديد واشنطن، والتلويح بإغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة الدولية وما إلى ذلك، فالعارفون ببراجماتية السياسة الخارجية لطهران، يدركون أن هذا التصعيد اللفظي من جانبها يخفي استعداداً لبلوغ تسويات مع واشنطن حين تتوفر شروطها.

يضاف إلى هذا كله أن المعادلات الدولية الراهنة، والتي تدخل ضمنها مواقف حلفاء واشنطن الأوروبيين وكذلك الصين وروسيا، تجعل من سيناريو المجابهة العسكرية المفتوحة والواسعة مستبعداً، دون أن يعني ذلك في أي حال أن منطقة الخليج بمأمن من المخاطر.

قد تلجأ واشنطن إلى ضربات محسوبة بالطيران أو بالصواريخ من بوارجها التي توافدت إلى مياه المنطقة على مواقع أو مختبرات عسكرية إيرانية، وقد ترد طهران، عبر وكلائها في المنطقة، ردوداً محسوبة بدورها، وهي صاحبة الخبرة المعروفة بخوض حروبها خارج أراضيها، وهذا ما يجعل بلدان المنطقة عرضة لارتدادات هذه الضربات «المحسوبة» من الطرفين.

في انتظار إعلان نتائج التحقيقات التي تجريها السلطات الإماراتية حول العملية التخريبية التي استهدفت السفن التجارية، التي ستكشف أبعادها ومراميها، ندعو الله أن يحمي شعوبنا وبلداننا من كل سوء يُكاد لها من قبل من لا يريدون لها الاستقرار والعيش بسلام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"