أصداء التاريخ في خورفكّان

03:22 صباحا
قراءة دقيقتين
عبداللطيف الزبيدي

هل زرت خورفكان كسائح؟ عليك استقراء أسارير التضاريس، وملامح الجغرافيا، لتحميض صور التاريخ، لتبوح لك بمكنونات ماضيها. إذا جئتها بغير زاد، خالي الجراب المعرفي، لم يكشف لك جمال الطبيعة البديعة أسرار سريرته، وحديث حوادث الحادثات.
فيلم«خورفكان 1507»، المستوحى من كتاب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، يجعلك في نهاية العرض ترى المدينة كما لم تكن تراها. التاريخ ليس مجرد قيمة مضافة، فالطين أحيانا أغلى من الذهب. عينك تصبح بورصة تحلّق فيها أسهم معاني الأشياء التي صنعت التاريخ. حتى تلك التي لم تعد هي بمرور القرون، لكن شحنتها العاطفية والتفاعليّة تظل هي هي، مثلا: مياه البحر التي ركبتها سفن البرتغاليين الذين غزوا خورفكان وفتكوا بأهاليها. حتى الصخور المطلّة على مسرح الأحداث في 1507، نُقشت على لوح ذاكرتها جرائم الغزاة. بيان يراع التوثيق التاريخي، وبعث حياة أخرى فيها بنفخ روح الفن، يعيدانها سيرتها الأولى. أفبعد هذا ترى خورفكّان كما كنت تراها قبلاً؟ شتّان.
لكن أصداء تاريخ خورفكّان آتية من أبعد من تصدّيها للبرتغاليين، فقد لعب ميناؤها دوراً مهمّاً ضمن أعظم شبكتين تجاريتين في التاريخ، وهما طريق الحرير وطريق التوابل، الذي يسمّى اختصاراً طريق الفلفل. كانت هذه الطرق تجتمع في أغلب الأحيان في قوافل طولها ستون كيلومتراً، ما يعني عشرة آلاف بعير، وبمعدل 300كج للبعير، تكون الحمولة ثلاثة آلاف طن. ثمّة قرابة سبعة مسارات لطريق الحرير والتوابل، في رحلتي الشتاء والصيف. ما يمرّ بخورفكّان والجزيرة العربية عموما، له وجهتان أساسيتان: البصرة، بابل (بغداد لاحقا)، الموصل، حلب، والأخرى: عيذاب، عدن، مكة، المدينة، القدس، غزّة، صور.
لا شكّ في أن تاريخ خورفكّان يتخذ أبعاداً شاسعة حين يضاف أو يضاف إليه تاريخ منطقة مليحة المجاورة، التي لم ينته البحث العلمي إلى القول الفصل في علاقتها بحضارتي ملوخا ومجان، فالحاء والخاء تتناوبان في اللغات السامية.
لزوم ما يلزم: النتيجة الإسقاطية: في نهاية الفيلم، أمام حرائق خورفكان سأل المساعدُ قائده الغازي: «وماذا استفدنا من كل هذا؟، فيجيبه: «إن الإرهاب أهمّ سلاح».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"