على أعتاب كارثة نووية

03:22 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

أخيراً، وبعد أشهر من الجدل حولها، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تعليق التزامها بمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، التي وقع عليها الرئيسان السابقان الأمريكي رونالد ريجان والسوفييتي ميخائيل جورباتشوف عام 1987، أي في السنوات الأخيرة من انتهاء الحرب الباردة، وهو موقف يفسح المجال لتوتر جديد بين الولايات المتحدة وروسيا، خاصة أن موسكو أبدت موقفاً رافضاً للخطوة الأمريكية، معتبرة أنها تعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة من جديد.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد في تصريحات صحفية، أن سريان عملية تعليق المعاهدة بدأ اعتباراً من يوم أمس (السبت)، وأن عملية الانسحاب الكامل من المعاهدة ستكتمل خلال ستة أشهر، إلا إذا عادت روسيا للالتزام بالمعاهدة وتدمير جميع الصواريخ والمنصات والمعدات التي تنتهكها، حسب رأيه، فيما اتهم وزير الخارجية مايك بومبيو روسيا بخرق بنود المعاهدة على مدى سنوات، وأنها لم تلتفت لاعتراضات واشنطن لنحو 30 مرة. إذ تتهم واشنطن موسكو بمخالفة بنود المعاهدة من خلال تطوير نظام صاروخي جديد قادر على حمل الرؤوس الصاروخية العادية والنووية.
موقف روسيا ما زال على ثباته، فهي تشير إلى أن المزاعم الأمريكية لا تعدو كونها تلفيقاً لذرائع كاذبة وحجج واهية، وأن الهدف من وراء ذلك يكمن في رغبتها بالانسحاب من المعاهدة بأي شكل حتى يتسنى لها تطوير صواريخ جديدة.
الموقف الأمريكي الجديد أضاف تعقيداً إضافياً إلى العلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وموسكو في أكثر من ساحة، فنزويلا آخرها، فضلاً عن الساحتين السورية والإيرانية، فالخطوة من شأنها أن تؤسس لعالم أكثر خطورة في المستقبل، خاصة مع تعهد الرئيس الأمريكي بتكثيف نشاط الولايات المتحدة على مستوى ترسانتها النووية للضغط على كل من روسيا والصين «حتى يستعيد الجميع رشدهم»، حسب قوله، خاصة أن الصين لم تكن طرفاً في التوقيع على الاتفاقية، ما اعتبره ترامب تهديداً لبلاده والعالم بأسره.
من الواضح أن خطوة الانسحاب الأمريكي من المعاهدة، تقدم فرصة ذهبية لإقلاق العالم من مخاطر سباق نووي من شأنه أن يعيد حرباً باردة من جديد، لكن بخطورة أكبر وأشمل، وما لم يجر لجم هذه المساعي التي تطلق العنان لمغامرات التسليح النووي، فإن العالم بأسره يكون عرضة للفناء أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حذر من أن بلاده ستطور صواريخ محظورة بمقتضى اتفاق يعود إلى فترة الحرب الباردة، في حال انسحبت الولايات المتحدة من المعاهدة المذكورة، ما يعني أن السباق نحو كارثة كبرى قادم ولا شك.
بالخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها إدارة ترامب، تكون الولايات المتحدة قد وضعت العالم بأسره أمام مواجهة نووية شاملة، من شأنها أن تعيد صياغة حرب باردة، لكن من طراز جديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"