وسائل التنابذ الاجتماعي وتسميم العقول

02:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

يخرج بين الحين والآخر من يزعم أن لا ذكر لفلسطين في القرآن أو الإنجيل أو التوراة، وأن المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء ليس في القدس، بل في الحجاز على مسافة قصيرة من الطائف أو مكة المكرمة!
هناك نوعان من المتنطعين على حواف التاريخ والأدب والسياسة التخريفية المعاصرة الموجهة لأسباب شخصية تارة أو عن جهالة لنفي القداسة عن المسجد الأقصى، أو نفي وجود فلسطين أصلاً خدمة للصهاينة.
وقبل الخوض في هذا نشير إلى وجود مراكز «إسرائيلية» موجهة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مهمتها بث الأكاذيب وخلق الفتن بين الطوائف والمذاهب والشعوب في الأقطار العربية، وبعضها متخصص في النيل من الدين الإسلامي ببث الأدعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل: «أرسل هذا الدعاء إلى ألف صديق وستتحقق أمنيتك، وإلا ستحل بك مصيبة إلخ»، وهذه هدفها إضعاف الإيمان بالدين عندما لا تتحقق أمنيتك. وهناك الوحدة 8200 في الجيش «الإسرائيلي» التي تهتم ببث الشائعات واستحداث صفحات وهمية. ثم هناك من يتبنى وجهات نظر خبيثة يطلقها جهلة من أشباه المثقفين والكتاب، لتحقيق أهداف شخصية كنيل جائزة ثقافية عالمية بدعم من «إسرائيل» وأعوانها أوالترويج لكتاب ما. وقد بتنا نقرأ هجمات متبادلة عبر النت بين جهلة وسذج في الأقطار العربية دون سبب معقول اللهم أن هناك من أثار قضية ما وانقسم بعض عديمي الفكر والمعرفة حولها وحولوها إلى فتنة بينية، فمن يستقي المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون تحديد مصادر موثوقة هم أنصاف المتعلمين والجهلة. ويجب أن نعلم أن هناك أجهزة «إسرائيلية» رسمية متخصصة في بث الفتن وتسميم العقول، وكما نعلم فإن صاحب فيسبوك اليهودي الأمريكي زوكربرج وقع اتفاقاً غامضاً مع السلطات «الإسرائيلية» أتاح لها مراقبة بث الفيسبوك وغيره واعتقال أي فلسطيني ينتقد الاحتلال ومحاكمته وتم اعتقال المئات لهذا السبب، كما يتم حجب أي صفحة تتعرض للاحتلال، علماً بأن «الإسرائيليين» يبثون عشرات العبارات التحريضية ضد العرب والدعوة لقتلهم بمعدل عشرات المنشورات كل ثانية دون أن تتعرض صفحاتهم للحجب. وهناك جهات «إسرائيلية» تتبنى الترويج لكتاب وأشخاص إذا ما تطاولوا على شعوب عربية ووصل الأمر إلى الطعن بالصحابة، رضوان الله عليهم، كما لاحظنا ظهور من يدعي أن سيدنا إبراهيم عليه السلام افتدى اسحق وليس إسماعيل وهذا انتهاك للقرآن وروايته وتفضيل للرواية اليهودية. كما لاحظنا ظهور أبحاث موجهة تزعم أن المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء هو في الطائف أو مسجد الجعرانة قرب مكة، فإذا كان الأمر كذلك فلا معجزة في الإسراء لأن المكانين المذكورين قرب مكة ولا يحتاجان لقطع الفيافي والقفار في ليلة واحدة. فالبهتان بات غالباً على أقوال بعض الباحثين عن الشهرة وليس عن الحقيقة.وذهب بعض السطحيين إلى القول إن فلسطين لم تذكر تاريخياً وينسى هؤلاء أن كلمة فليسيا أو الفلسطينيين ذكرت قرابة 282 مرة في التوراة والإنجيل بدءاً من: «وتغرب إبراهيم في أرض الفلسطينيين» كما في التوراة إضافة إلى قوله تعالى: «إن فيها قوماً جبارين» أي غير يهود ناهيك عن الأحاديث الشريفة. كما ذكرت كلمة كنعان والكنعانيين مئات المرات في التوراة والإنجيل بمجموع 612 مرة، إضافة إلى الفلسطينيين.
لكن ما يجب تداركه هو السجال الكريه عبر النت بين أناس من هنا وهناك حول أمور تافهة أو بناء على شائعات أو أحداث فردية يتم تعميمها وهذه تدخل ضمن القطرية الضيقة، فالمهزومون عادة يختلقون أعداء من بين أنفسهم كتعويض عن هزيمتهم من العدو الحقيقي الخارجي، وهو ما نلمسه في منشورات كثيرة فيها تلاسن وشتائم بين أفراد من أقطار عربية مختلفة. والعجيب الغريب أن أجهزة الرقابة العربية التي تحصي الحروف على النت وتراقب أنفاس كاتبيها لا تتعرض إلى من يسيء الأدب ضد شعب عربي آخر أو قبيلة أو منطقة أخرى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"