سطو "إسرائيلي"

رفيف
04:59 صباحا
قراءة دقيقتين

هذه المرة تسرق إسرائيل الرقص .

قبل ذلك سرق الكيان الصهيوني المياه والآثار والرموز التاريخية الانثروبولوجية التي تشكّل الهوية الثقافية للفلسطيني الذي يواجه أشرس آلة محو وإلغاء في التاريخ، وكل ذلك عناوين فرعية أمام العنوان الأكبر وهو سرقة وطن بأكمله وتفريغه من ذاكرته وثقافته وممارسة خنقه يومياً بالحصار والحروب المتكررة .

ميدان السطو الإسرائيلي، هذه المرة، في مدينة إجرجينتو الإيطالية، وذلك خلال مهرجان فني قدّم فيه الكيان الإسرائيلي صورة لا تحتاج إلى شرح تبيّن أنه كيان بلا ذاكرة ثقافية ولا تاريخ ثقافي عندما ينسب رقصة الدبكة الشعبية الفلسطينية إلى تراثه الفني، هذا إذا كان له إرث فني في الأصل .

ولا يمكن لكيان تجميعي تشكّل من فسيفساء أو من مزق اجتماعية في أصقاع الأرض أن يعرف فناً كالدبكة أو الميجنا أو العتابا أو صوت الناي أو دمعة اليرغول وغيرها الكثير الكثير من علامات الشخصية الإبداعية الشعبية التي بناها وألّفها الحِسّ الفني الفلسطيني منذ روحه الكنعانية المرفرفة كطائر الفينيق وحتى أصغر راعي غنم في أحد سفوح فلسطين يصغي قطيعه إلى عبقرية الصوت المولود من وجه الربابة .

قبل سرقة الرقص الفلسطيني بهذا السطو الإسرائيلي في وضح النهار وعتمة الليل لا فرق، عمد الإسرائيليون إلى نهب أسماء النباتات والزهور والأعشاب البرية في جبال وحقول ومنحدرات فلسطين، وذلك بتحويل أسمائها العربية إلى العبرية، ومنذ سنوات نسبت إسرائيل التطريز الفلسطيني إلى نفسها واعتبرته فناً يخصّها وقدّمته إلى العالم بوصفه جماليات إسرائيلية، وذلك عندما ارتدت مضيفات شركة طيران العال الإسرائيلية الثياب الشعبية الفلسطينية التقليدية المطرّزة بخيوط الحرير، ومن العروف أن كل غرزة تطريز تدل على مدينة فلسطينية بعينها كما ترمز إلى بيئة جغرافية واجتماعية بعينها في الوطن الفلسطيني .

لماذا يلجأ عدوّ، أي عدوّ، في التاريخ إلى سلب الذاكرة الثقافية والرموز الثقافية في بلد محتل وإلحاقها إلى تاريخه المزعوم؟؟

ببساطة، لأن مثل هذا العدو لا جذور له ولا ذاكرة ولا لغة جمالية يخاطب بها الآخر .

yosflooz@gmail .com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"