غنائم أمريكا في سوريا

03:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

كما كان متوقعاً، بل كما هو أكيد أيضاً، تظهر النوايا الخفية، التي تحرك السياسة الأمريكية في سوريا خاصة والمنطقة عامة، وفي مقدمة هذه النوايا والأهداف سرقة الثروات العربية لا سيما النفطية منها. ففي تطور لافت وقع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، اتفاقاً مع شركة نفط أمريكية من أجل تحديث آبار النفط التي تسيطر عليها قواته بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية في شمال شرق سوريا.
جاء ذلك خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي بحضور وزير الخارجية مايكل بومبيو، في الثلاثين من تموز/ يوليو الماضي وذلك بحسب ما نقلت قناة الحرة الأمريكية.
ونقل عن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن مظلوم عبدي أبلغه أنه وقع اتفاقاً مع شركة نفط أمريكية لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا، مضيفًا أن هذه أفضل وسيلة لمساعدة الجميع في هذه المنطقة، على حد تعبير المسؤول الأمريكي.
ونقل موقع المونيتور عن مصادر أمريكية أن واشنطن وافقت أيضاً على توفير مصفاتين معياريتين للإدارة الذاتية الكردية.
وكما هو معروف تسيطر القوات الأمريكية بالقوة العسكرية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا، وأبرزها حقل العمر النفطي، الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجاً، بالإضافة إلى حقل التنك، وهو من أكبر الحقول في سوريا بعد حقل العمر، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي. كما تسيطر قوات الاحتلال الأمريكي على حقل كونيكو للغاز، وهو أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، الذي يُستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية ويقع في ريف دير الزور الشمالي.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن عقب سحبه القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بقاء عدد قليل من الجنود الأمريكيين في سوريا لحماية آبار النفط، على حد تعبيره.
ونددت الحكومة السورية بالاتفاق المذكور بأشد العبارات، مؤكدة أن هذا الاتفاق يعد سرقة موصوفة متكاملة الأركان ولا يمكن أن يوصَف إلا بصفقة بين لصوص يسرقون ولصوص يشترون، ويشكّل اعتداءً على السيادة السورية واستمراراً للنهج العدائي الأمريكي تجاه سوريا في سرقة ثروات الشعب السوري وإعاقة جهود الدولة السورية، لإعادة إعمار ما دمّره الإرهاب المدعوم في معظمه من الإدارة الأمريكية نفسها، معتبرة أن هذا الاتفاق باطل ولاغ، ولا أثر قانونياً له. والحقيقة أن ما يجري في سوريا الآن يعيد إلى الأذهان سيناريو احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، والأهداف الخفية التي وقفت وراءه، وأولها حماية «إسرائيل» وسرقة الثروة النفطية العراقية.
ففي بداية الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 دأبت القوات الأمريكية على السيطرة على النفط العراقي، ولم تتعرض وزارة النفط العراقية للهجوم الأمريكي، بهدف المحافظة على الغنيمة الأمريكية من الحرب العدوانية على العراق. ولو عدنا إلى يوميات الغزو الأمريكي يومها، يستوقفنا رد نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوفيتز على سؤال وجه إليه في مؤتمر آسيا للدفاع في مايو/ أيار عام 2003 حول سبب غزو بلاده للعراق وليس كوريا الشمالية المسلحة نووياً، عندما قال: «إن الاختلاف الرئيسي بين كوريا الشمالية والعراق هو أن العراق على بحر من النفط».
أما السيناتور الجمهوري تشاك هيجل الذي أصبح وزيرًا للدفاع في عام 2013، فقد أكد في عام 2007 على تصريحات وولفوفيتز قائلًا: «بالطبع نحن نقاتل من أجل النفط. نحن لم نذهب إلى هناك من أجل التين».
وهكذا، ومن دون أي عناء يستطيع المتابع للسياسة الأمريكية في المنطقة، أن يتبين حقيقة الأهداف الأمريكية من التدخل في الصراعات التي تنشأ في المنطقة، والتي لا يشك أحد بأن للولايات المتحدة الدور الفاعل فيها، أي أن واشنطن تشعل الحريق، ثم تتذرع بمحاولة إخماده كيافطة لكسب الغنائم وسرقة الثروات العربية، التي تعتبرها غنائم لحروبها في المنطقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"