موسيقى وباليه

06:09 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

هل بوسعنا أن نتخيّل أنه مضى قرابة قرن ونصف القرن على افتتاح دار للأوبرا في مصر؟ ففي الأول من نوفمبر 1869، افتتحت تلك الدار بوسط القاهرة، لتكون أول دار للأوبرا في قارة إفريقيا، والشرق الأوسط.

في حفل افتتاحها عزفت الأوركسترا موسيقى «فيردي»، وقدم الفنانون عرض «ريجوليتو» بجواهر حقيقية، احتراماً للشخصيات الهامة التي حضرت عرض افتتاح دار الأوبرا الملكية «الخديوية»، التي ضمّت مسرحاً من أكثر مسارح العالم فخامة، وكان بصحبة الخديوي إسماعيل في حفل الافتتاح الإمبراطورة أوجيني، زوجة الإمبراطور نابليون الثالث، والإمبراطور فرانسوا جوزيف عاهل النمسا، وولي عهد بروسيا، إضافة إلى أقطاب الفن والسياسة من مختلف أنحاء العالم.

وبمناسبة افتتاح الدار طلب عالم المصريات الفرنسي مارييت باشا من الخديوي إسماعيل اختيار قصة من صفحات التاريخ المصري القديم لتكون نواة لمسرحية شعرية تفتتح بها الأوبرا، فظهر للنور عرض الأوبرا الأسطوري «عايدة» التي كتب نصها الغنائي جيسلا نزوني، ووضع موسيقاها الرفيعة الموسيقار الإيطالي الكبير فيردي، وقُدّم في 24 ديسمبر 1871، أي بعد عامين على افتتاح الدار.

نسوق هذه المعلومات من باب الرغبة في إعادة طرح السؤال : أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ فمن يصدق أنه بعد هذا التاريخ الطويل بلغنا زمناً أصبح فيه تدريس الموسيقى في المدارس حراماً في بعض بلداننا العربية، ليس بالضرورة بحكم القانون وإنما بحكم الأمر الواقع.

وحثني على هذا البحث خبر من العراق الشقيق مفاده قيام مجلس شورى الدولة هناك بتوجيه وزارة الثقافة بتغيير اسم المدرسة العريقة «مدرسة الموسيقى والباليه» إلى «مدرسة بغداد للفنون الموسيقية والتعبيرية»، فكأن آذان أصحاب الاقتراح لا تطيق سماع كلمة موسيقى، فضلاً عن الباليه، بذريعة أن هناك تشريعاً صادق عليه مجلس شورى الدولة قبل سنوات، ينص على تعريب أسماء المؤسسات الحكومية وتخليصها من الكلمات الأجنبية.

هذه المدرسة بالذات، أي مدرسة الموسيقى والباليه، هي من أوائل المدارس لتدريس الموسيقى وفن الباليه في الشرق الأوسط، وتأسست عام 1968، باسم «مدرسة بغداد للموسيقى»، ثم أضيف إليها الباليه عام 1969 لتصبح مدرسة الموسيقى والباليه.

وقرأتُ أن فكرة تأسيس المدرسة تعود لمجموعة من الفنانين العراقيين في تلك الفترة، منهم الفنان الراحل عزيز علي، وسعد محمود حكمت، وتمت الاستعانة بعدد من الأساتذة المختصين من روسيا للتدريس فيها، وإليها يعود الفضل في رفد الساحة الفنية بالعديد من الفنانين والموسيقيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"