أمريكا وروسيا في ديارنا

02:16 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر
سوريا تجمع على أراضيها أقوياء العالم عسكرياً، فمع دخول الحرب عامها السابع، بدا أن مدناً عدة، آخرها مدينة منبج، ضمن نطاق ريف حلب الشرقية، صارت مركزاً لتجمعات القوات الروسية والأمريكية والتركية، ناهيك عن قوات سورية ذات أهداف مختلفة، وصار بإمكان القوات الروسية والأمريكية أن تشاهد بعضها في مناطق متقاربة.
القوات الروسية ترفع علم بلادها، وكذلك تفعل القوات الأمريكية، أثناء تجوالها في منبج وغيرها، بعد أن كانت مسرحاً لقتال شرس، تمكنت خلاله قوات سوريا الديمقراطية من طرد قوات «داعش» من المدينة قبل عام.
تستطيع القوات الروسية والأمريكية مراقبة تحركات بعضها، لكنها محكومة بعامل تنسيق مشترك يمنعها من الاختلاط والاشتباك، فهي على علم بتحركاتها من خلال خط ساخن خاص أنشئ العام قبل الماضي لمنع أي تصادمات في الجو بعد أن بدأت روسيا حملة جوية دعماً للنظام السوري.
جاء دخول القوات إلى مدينة منبج في وقت سابق من هذا الشهر في عملية أطلق عليها «طمأنة وردع»، سار خلالها الجنود الأمريكيون وسط المدينة في قوافل ترفع العلم الأمريكي رغم أنهم كانوا يحرصون في السابق على عدم تسليط الضوء على وجودهم، إذ إن ذلك يهدف إلى خلق منطقة عازلة بين القوات الكردية والقوات التركية التي ترغب في دخول المدينة، والتركيز على القتال ضد تنظيم «داعش» في المنطقة وليس ضد بعضها.
في المشهد العام لا تبدو القوات الأمريكية والروسية على خصام مع بعضها، وبمقدورها التنسيق فيما بينها لمنع وقوع صدام حقيقي بينها، لكن المؤلم أن نرى الأراضي العربية قد تحولت إلى ساحة لحضور القوات الأجنبية بعضها للدفاع عن الأنظمة والأخرى دفاعاً عن خصوم الأنظمة، وفي كل الأحوال تحولنا إلى بيادق شطرنج تحركنا القوى الكبرى كما تريد، مستغلة رغبتنا في الثأر فيما بيننا ودفن مشروع بناء قدراتنا الذاتية والاعتماد على العامل الخارجي.
في الشأن السوري يبدو العالم حاضراً بشكل قوي بعتاده العسكري والاستخباراتي، بعضه حضر بدعوة منا، كما حصل مع روسيا الاتحادية، وبعضه الآخر حضر من دون دعوة ولا رغبة منا، كما هو الحال مع تركيا والولايات المتحدة، إضافة إلى ميليشيات من الدول المجاورة وتنظيمات متطرفة ينتمي منتسبوها إلى مناطق مختلفة من العالم، كما هو حال «داعش» وأخواتها، وفي الأحوال الكل يصارع الكل على الأرض السورية محدثين فيها خراباً ودماراً لا حدود لهما، فضلاً عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا، وملايين المهجرين داخل سوريا وخارجها.
من المسؤول عن هذه الحشود العسكرية الأجنبية التي تدنس أرضنا براً وبحراً وجواً؟ من المستفيد مما يحصل من غياب مشروع نهضة عربية شاملة؟ حتى متى نبقى مرتهنين لحماية الخارج، ارتهان يصل إلى حد التخلي عن السيادة التي صارت تنتهك باسم الدفاع عن الأنظمة وشرعيتها؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"