الشرّ في التهويل والتهوين

03:18 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

هل لاحظت كيف أن أعناق بلدان الكوكب اشرأبّت تتطلّع إلى نوفمبر؟ شهرئذ ستتغيّر الموازين. إن ظل الإمبراطور على عرش الأرض، فسوف تكون السنوات الأربع المقبلة سنوات أفول لآمال الكثيرين. لن يكون في المستقبل شيء يردعه، سيقول كل خصم ضعيف: «يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيّاً منسيّاً»، وسيقول كل من ظن أنه حليف: «إنني أعطيت ما استبقيت شيّا». لا يحسبن أحد أن القلم في قلبه مرض، يريد حقن الماء في ركب الخلائق، ترويعاً وتفزيعاً، فالأمر قياس على قول شاعر النيل: «الشرّ في التقييد والإطلاق»، لنقول الشرّ في التهويل والتهوين.
إن ثبت الإمبراطور في مكانه، فسوف تمسي أبوديس عروس أحلام السلطة. يغدو من يذكر اسم القدس، تعروه أعراض كوفيد 19. يومئذ لا يسأل عربيّ عربيّاً عن عربي. كلٌّ «يحاسس على بطحته»، ويشدّ على نطحته. ما الذي أعدّه العرب لأربعة أعوام قد تكون الأعجف والأعنف؟ هل فكّروا في الذي لم ولن يخطر لجامعة الدول العربية على بال؟
القضايا ليست بهذا التلخيص البسيط. الكثيرون في العالم يتوقعون أن تجري الرياح بما لا تشتهي سفن الإمبراطور. لكن المتاعب العربية ليست هيّنة إلى هذا الحدّ. أصل المعاناة العربية ضعف العرب، هشاشة وقوفهم على أقدامهم، كأن ركبهم متخلخلة، أو كأنهم واقفون على رمال متحركة. الداء العضال هو أن الإمبراطور القادم أو الذي بعده ومن يليه تالياً فتالياً، لن يستطيع يوماً الامتناع عن ارتداء القلنسوة، والتبجّح بأنه لم يأت على «إسرائيل» حين من الدهر وجدت فيه من هو مثله في طلب الودّ والرضا، أو يدانيه في المنافسة في الدفاع عنها. ما الذي أعدّه العرب إذا رأوا أن الأحابيل الإخراجية الهوليوودية لم تتغيّر؟
إن قلت جنابك: وما الجديد في هذه المعادلة القديمة؟ العرب اليوم أمام إمبراطور مأزوم ودولة الاحتلال متأزمة أكثر منه. كلاهما قد يهرب إلى الأمام، الهيجاء الكريهة. كلاهما بفيروسه متكوفد متكورن. هو، وهو ليس وحده، في حالة فقدان توازن مع تنين أعصابه في الصفر المطلق، و«إسرائيل» تطوّقها جغرافياً سياسية تجعلها تفقد صوابها. هل يدرك العرب خطورة الوضع الجوسياسي الحالي: العراق، سوريا، ليبيا، واستهداف مصر؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التحذيرية: الإشكالية هي أن بين التهويل والتهوين واقعية لم يعرفها الواقع العربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"