حرب درامية على الإرهاب

05:02 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

على عاتقهم نزيد الأحمال عاماً بعد عام، ونحمّلهم مسؤولية أكبر كلما طالبناهم بالاقتراب من واقعنا وفتح الملفات والقضايا الحياتية الملحّة والمهمة، ووضعها في قوالب درامية جميلة ومنطقية، تقف على حياد من كل الأطراف، تُظهر الحقائق، ولا تترك أثراً سلبياً على المشاهدين.
نضع صناع الدراما كل موسم رمضاني أمام تحديات كبرى، وننتظر بداية الشهر الفضيل لنبدأ المتابعة ونطلق أحكامنا، وهذا حق لنا طالما أننا الطرف الذين ينشدون إرضاءه وتقديم المادة الجيدة والأجود من أجله. لكن الحق يقال، إن هذه الصناعة تحتاج إلى حرفة عالية في الكتابة، والابتكار، والإحساس المرهف، والحكمة في التوازن بين تأمين المتعة والترفيه، وبين إتقان العمل واختيار الأفضل وفي نفس الوقت ضمان الربح المادي والنجاح الجماهيري.
نحمّل كتّاب المسلسلات مسؤولية أكبر كلما طالبنا بالتحام أوراقهم وأقلامهم بأحوالنا وواقعنا. وها هو الموسم الجديد يهل علينا بمجموعة أعمال تحكي الواقع الذي تعاني منه منطقتنا بل العالم كله. مجموعة كبيرة من المسلسلات تتناول الإرهاب بشكل مباشر، من زوايا مختلفة وقصص متنوعة، وكلها تصب في إطار النضال وكيفية محاربة تلك المنظمات والخلايا، مع إبراز التضحيات التي يقدمها الجنود والأجهزة الأمنية والشرطية والجيش..
الدراما تعلن الحرب على الإرهاب، وقد قررت التصدي له بأكثر من تسعة أعمال عربية منها التاريخي، وغالبيتها المعاصر الذي يحكي عن التطرف ويغوص في عمق المعاناة. وهنا تكون مسؤولية الكاتب أكبر، حيث يقف في مواجهة أمرين، الأول ملامسة الواقع بشكل منطقي يمكن تصديقه، وعدم المغالاة في البطولات الخرافية كي لا يهرب منه المشاهد فيفقد العمل مصداقيته ورسالته والهدف المرجو منه، فيصبح أشبه بالأفلام الخرافية. والأمر الثاني وهو الأخطر، ألا يتم تبرير انحياز أحد النجوم الأبطال إلى التطرف والتحاقه بالمنظمات الإرهابية، بدافع الضغوط الحياتية والاجتماعية، أو لظلم تعرض له في بيئته أو مجتمعه. عندها، يقدم العمل الأعذار لآلاف الشباب الذين يتم التلاعب بمشاعرهم وغسل عقولهم بأوهام، فيعتبرون الأمر مشروعاً ومقبولاً، طالما أن العودة عن الخطأ ممكنة، وكأن القتل أو الالتحاق بمنظمات إرهابية خصوصاً «داعش» مجرد صفحة ويطويها عندما يعود إلى رشده.
المعالجة الدرامية للقضايا الأمنية الواقعية، يجب أن تكون منطقية ومدروسة من كافة النواحي، كي تأتي ثمارها وتكشف زيف تلك المنظمات والفكر الإرهابي المتطرف، مع إيصال رسائل توعوية غير مباشرة للجمهور وتحديداً للأطفال والشباب تكون مقنعة كي يصدقوها ويتبنوها بدورهم، ويصلهم الإحساس بضرورة حماية النفس والوطن والمجتمع وتحصين الذات من تلك الأفكار الشيطانية المدمّرة للمجتمعات وللحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"