الديمقراطيّة الخالية من العرب

06:02 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

هل أتتك رائعة مقولات نتنياهو: «حكومة فيها عرب، ممنوعة ولو ليوم أو حتى للحظة واحدة»؟ لمن لا يحسنون القراءة الذهنية وتأويل الخفايا النفسية، فإن المضمون الباطني يعني: «التطبيع مع العرب باطل الأباطيل حتى ولو كان لنهار وليلة أو حتى طرفة عين. أمّا الأحابيل الخادعة، فتلك هي السكاكر التي نغلّف بها ملبّس السمّ الزعاف، فليبتلعوا الطعم، هنيئاً».
في رحاب هذا «الفكر الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط»، ما هي صورة الدولة المرتسمة في أذهان فلسطينيي 48 ويتخيّلون إمكان الحياة فيها؟ عمليّاً وبالبراهين: الدولة التي تريد «إسرائيل» أن يحصل عليها الفلسطينيون في غزّة والفتات المحتمل أن يبقى من الضفة الغربية، إن بقي، هي دولة قابلة للحياة، منزوعة السلاح، أي لا قدرة لها على الدفاع عن نفسها، دولة لا تقوم لها قائمة إلاّ إذا صدر بيان تصفية القضية برمّتها. أمّا العرب داخل الدولة التي تريد أن تكون يهودية خالصة من «الشوائب»، فسوف يظلون مواطنين قابلين للحياة، لا للمواطنة، فتولّيهم المناصب في الحكومة وهم الأوهام ولو ليوم أو حتى للمح البصر.
الطريف في هذه الديمقراطية الفريدة، هو أنك تستطيع وصفها بأنها أكثر من فريدة، فالفلسطينيون الذين هم أعضاء في الكنيست، مثل أحمد الطيبي وأيمن عودة، متهمون بأنهم يؤيدون «الإرهاب»، ومع ذلك يسمحون لهم بالصراخ في الكنيست؛ لاستغلال مؤثراتهم الصوتية في التدليل على احترام الحريات والديمقراطية في «إسرائيل». أمّا كيف يمكن التوفيق بين ذلك وممنوعية دخول العرب في الحكومة ولو للحظة، فالفهم لا يستعصي على الأقوياء المؤمنين بحق القوة في تحويل الحق إلى باطل في المجتمع الدولي.
بقيت إشكالية واحدة يستعصي على العقل هضمها، وهي باقة مفارقات على صلة بالتطبيع: إذا صحّ الفهم وصدق الظن، فالأرجح أن أغلبية الفلسطينيين غير مستعدّة لمقايضة القدس بضيعة «أبو ديس»، في«صفقة القرن»، التي هي الفصل الأخير في تراجيديا وعد بلفور. هنا يصبح الحديث عن ضرورة التطبيع بين الفرقاء العرب. من عجائب فلسفة التاريخ في القضايا العادلة، أن حركة التحولات العربية، تتجه نحو إحياء مركزية القضية.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغزية: إذا كانت الحكومة للحظة واحدة، فكم مدّة جلسة الافتتاح، وكم طول نصّ القسم الذي على الوزراء أداؤه؟ حكومة سرعة الضوء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"