هل يجوز أكل الضفادع؟

02:38 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

قال لي أحدهم: إنكم تعيبون على بعض الشعوب الذين يأكلون الحشرات، وها أنا قد قرأت في كتاب أن أكل الضفادع حلال، فلماذا إذاً تنتقدون الآخرين، طالما أن دينكم لم يحرم أكل الضفادع؟
قلت له: إن المسألة تحتاج إلى شيء من البيان والتفصيل، ما ذكرته هو منصوص عليه في كتب المالكية، والمالكية معروف أن مذهبهم أوسع المذاهب في إباحة الأطعمة والأشربة.
ولكن قبل أن أتحدث عن مذهب مالك -رحمه الله تعالى- في هذا الباب، أود أن أقول: إن الله تعالى يقول: «هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً..» (الآية 29 من سورة البقرة) لكنه يقول في آية أخرى: «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق..» (الآية 32 من سورة الأعراف) وقال أيضاً: «.. ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث..» (الآية 157 من سورة الأعراف).
والفقهاء في كتبهم فصلوا في هذا الباب بحسب ما استنتجوه من الآيات والأحاديث، فقسموا المطعومات والمشروب إلى نجس وضار ومسكر وطاهر نافع، كما أنهم قسموا الأطعمة إلى نبات وحيوان، والحيوان إلى مائي وبري.
فالضفدع من الحيوانات المائية المحرمة عند الجمهور؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتله، ولو كان أكله جائزاً لما نهى عن قتله، ولكن المالكية خالفوا الجمهور وأجازوا أكله لعدم ورود نص بتحريم أكله.

وخالف المالكية الجمهور في الحيوانات المفترسة أيضاً كالأسد والذئب وغيرهما، فقالوا: إن أكلها غير محرم بل مكروه، وحتى الكلب لا يحرم أكله عند المالكية بل يكره.

وإذا أردنا أن نلخص مذهب المالكية في المباح والمحرم من الأطعمة فيمكن أن نقول: يقسمون الأطعمة إلى مباح ومحرم ومكروه، فالمباح كل طعام طاهر وكل حيوان بحري ولو خنزيره، والطير بجميع أنواعه إلا الوطواط، والنعم الثلاثة والوحش غير المفترس، وهوام الأرض كالخنفساء والنمل والدود.

أما المحرم فهو كل نجس من جامد أو مائع، والخنزير البري والبغل والفرس والحمار، وأكل الطين على الأرجح والعظام.
والمكروه كالسبع والضبع والثعلب والذئب والهر والفيل والدب والنمر والكلب والقرد والفأر والوطواط من الطيور.
ولو رجعنا إلى أصل المسألة في الأطعمة، لوجدنا أن الأصل هو الحل ولا يصار إلى التحريم إلا لدليل خاص كما يقول الفقهاء.
فعندما يحرمون شيئاً ينظرون إلى ما ورد من أدلة التحريم لأسباب، كأن يكون ضاراً بالبدن أو العقل، فمنها الأشياء السامة والله تعالى يقول: «ولا تقتلوا أنفسكم»، وفي الحديث: (من تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) (رواه البخاري).
ومنها الأشياء الضارة كالطين والتراب والفحم وغيرها.

وقد قال المالكية والحنابلة: إن الأشياء السامة محرمة على من تضره تلك السموم، وإلا فمعروف أن معظم الأدوية تحتوي على قدر من السموم الذي لا يضر بل يفيد ويقتل الجراثيم (انظر الشرح الصغير ج 2 ص 183، ومطالب أولي النهى ج 6 ص 309).

إذاً الضرر هو سبب من أسباب التحريم، والسبب الآخر الإسكار أو التخدير، فكل مسكر حرام ومثله كل مخدر لأنه مفسد.

والسبب الآخر للتحريم كونه نجساً أو متنجساً فالدم مثلاً نجس، والزرع قد يكون متنجساً إذا سقي أو سمد بنجس.
والسبب الرابع للتحريم الاستقذار كالبصاق والمخاط والمني فهي وإن كانت طاهرة إلا أنها مستقذرة.
والمالكية قالوا: إن إباحة القتل لا دلالة فيها على تحريم الأكل، كما قالوا: إن النهي عن القتل لا يعني أنه يحرم أكله، فأجازوا أكل الفأر ولو أنه من الفواسق الخمس التي تقتل في الحل والحرم، وأجازوا أكل الضفدع ولو أنه نهي عن قتله.
واستشهدوا بقوله تعالى: «قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير» (الآية 145 من سورة الأنعام).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"