بطالة مقنّعة في 2019؟

03:14 صباحا
قراءة دقيقتين
حبيب الصايغ

يتكلم في العادة عن الكوادر البشرية والوطنية في القطاع الخاص، وينسى أن الإطار البشري في الحكومة أساس. الحكومة في هذا المقام لفظ جامع للاتحادي والمحلي، حيث الكثير من السمات والمشتركات، ومن ذلك الاشتراك في هذه المنطقة الرمادية لكن المحسوبة والمعلومة. العاملون الحقيقيون الذين يقومون بوظائفهم ومهنهم يعملون، ومنهم من يجيد فيثاب أو لا يثاب، ومنهم من يقصر ويعاقب أو لا يعاقب، وهم ليسوا محل هذا الحديث. هناك من يعمل في الظاهر لكنه لا يعمل حقاً ولا يعمل أبداً، فهل استمرت هذه الظاهرة التي بدأت مع الشغل الحكومي النظامي مطلع السبعينات أو ربما قبل ذلك؟ إذا كانت مستمرة، فكيف وإلى متى؟ لماذا لا يستفاد من هذه الطاقات الوطنية، وأين يكمن الخلل؛ في المؤسسة ومسؤوليها أم في الأفراد الموظفين؟
هذه ظاهرة يجب أن تدرس وتعلن أرقامها، والسكوت عنها غير لائق، نظراً لأثرها المباشر في المشهد العام وفي حياة الأفراد والأسر. العامل الذي لا يعمل يعطي مثالاً مجتمعياً سيئاً في مجتمع يقدّر قيمة العمل ويؤمن بفريق العمل، فكيف يهمل هؤلاء؟ كيف هم، أنفسهم، يرضون بأوضاعهم هذه؟ أين ذهبت سنوات التعليم والإعداد وربما سنوات الانتظار؟ كيف يتركون أعمارهم تذهب هكذا سدى من غير عمل أو إنتاج؟
طبعاً هذه الفئة المنتمية إلى «البطالة المقنّعة» مسؤولة عن أوضاعها وعن هذه «الجريمة» إن وجدت وأينما وجدت، لكن المؤسسة الرسمية مسؤولة أولاً، فلا يعقل السكوت عن هذه القضية أو غض النظر عن هؤلاء.
المبدأ الأول هنا متعلق بمنظومة القيم ثم يأتي الاقتصاد والتخطيط والإدارة والمجتمع إلى آخره، وإذا كان لدينا ملف بطالة يجب أن يلتفت إليه، فعلينا أيضاً، وبالدرجة نفسها بل بدرجة أكبر، الالتفات إلى ملف البطالة المقنّعة. وإذا كان من كلام أكيد يقال هنا فإن قطاع الموظفين الحكوميين الاتحاديين يستحق مسؤولاً أو وزيراً متفرغاً مع احترام وتقدير الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية وكل من تولاها. الوضع الحالي يوحي بتسيير أعمال مؤسسة هامشية، فيما المطلوب تحقيق فلسفة موظفين تؤدي إلى حلول للمعادلة متسقة مع نهضة وتنمية دولة الإمارات.
ونحن مجتمع أحوج ما يكون إلى كل عضو فيه باعتباره طاقة قادرة على البناء والعطاء، فيما تسهم ظاهرة «البطالة المقنّعة» في تكريس صورة نمطية عن الموظف المواطن استطاعت التجربة أن تمحوها مع مرور الأعوام والعقود وأن تشطبها كما شطبت كلمة «مستحيل» من قاموس أهل الإمارات.
المواطن قادر على العطاء بل الإبداع. هذه حقيقة، ولا نريد استمرار مثل هذه الظاهرة السيئة والمسيئة، التي أسهمت في إقدام مصارف وطنية وغير وطنية على استخدام مواطنين مع بقائهم في بيوتهم وتقاضي راتب حقيقي، وإن قل، مقابل عمل صوري، وذلك نحو محاولة رفع نسبة التوطين في التقارير السنوية.
لا نريد لهذه الصورة النمطية للمواطن أن تستمر لسبب بسيط: واقع الحال ليس كذلك، ومواطن 2019 ينتظر، بحماسة كبيرة، وصول مسبار الأمل إلى كوكب المريخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"