رمضان كريم

05:20 صباحا
قراءة دقيقتين
ابن الديرة

الكرم اسم رمضان، فهو أبعد من أن يكون صفة، وزمن رمضان إنما يتجسد في شكل الكرم وجوهر الكرم، حين يكون الكرم مظلة القيم الجامعة.. نعم رمضان واسطة عقد القيم والأخلاق والمعاني، وتاريخ من المحبة، حيث المحبة عمل وعطاء ولقاء، وفي رمضان يعود الإنسان إلى نفسه، ويعود المجتمع إلى نفسه، وتتجه القلوب إلى حقيقتها الأولى كما في أول المرايا والينابيع. الحقيقة الأولى أن تتأمل الذات حتى تراها، وتعمل العقل حتى يتجلى واضحاً وكأنه جسد الحكمة. رمضان، في الاختصار الأجمل غير المخل، وعي الإنسان بزمن الخير متحققاً في خير الزمن.
ولا يتحقق مثل هذا الوعي العميق إذا بقي في رأس أو صدر صاحبه، فلا بد من تطبيق يماثل النظر، ولا بد من تحقيق رمضان الكريم في حياتنا، وأول ذلك تمثل الفكرة في الحياة، فلا يكفي قولنا أن رمضان كريم، ولا يعني شيئاً أو يغني شيئاً ترديد ذلك القول من دون وعيه وتمثله. هذا أول ما يجب أن يقال ونحن في رحاب الشهر الكريم، رمز الزمن الكريم.
رمضان كريم بمعرفة الله أكثر، وبالصيام والقيام. بنشر روح التسامح والسلام والأخوة والصداقة. بالإخلاص والتفاني والإتقان. بالصبر والإصرار وخدمة الوطن على الوجه الأكمل.
يقال ذلك في رمضان خصوصاً، من غير أن يقتصر عليه من دون غيره، لكن رمضان محطة زمن لاستعادة الروح، ومراجعة التجربة، في المستويين الخاص والعام. رمضان شهر العودة إلى النفس لسؤالها عن أمسها ويومها والغد.
والمعرفة الحرص على إتمام العمل كاملاً من دون تقصير، فأخلاق رمضان تحرض على العمل تحريضاً، وصيام رمضان برهان صدق الإنسان، بعيداً عن فكرة الرياء، وقريباً من فكرة الوفاء والانتماء.
من أجل هذا كان رمضان، وهو في النفوس الصادقة يبقى كذلك، مهما أراد البعض تغيير الصورة، بما ارتبط، عبر السنوات والعقود العربية، برمضان من حمولات ليست منه ولا تناسبه. رمضان الكريم ليس رمضان التلفزيون، مع توجيه التحية الواجبة، لكل إعلام مرئي يحترم نفسه ومشاهديه في رمضان وفي غير رمضان، ويسعى، خصوصاً في رمضان، إلى الارتفاع بالشكل والمحتوى سواء في البرامج أو المواد الدرامية، وذلك نحو مواجهة هذا السيل الجارف، للأسف، من الغث المقيت، والزبد الذي يذهب جفاء.
وفي رمضان الكريم، في عام زايد، نتذكر من لم ننسه أبداً، لا يمكن أن ننساه، زايد الخير، طيب الله ثراه، وهو الذي غرس في نفوسنا قيم رمضان، وكرم رمضان.
وفي رمضان الكريم، نتذكر شهداء الإمارات الأبرار، وهم الذين قدموا الأغلى، دم الروح، في سبيل الله، نحو حماية الأوطان والمقدسات.
ورمضان كريم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"