6 شروط لحل الأزمة الليبية

06:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
فيصل جلول
ساد اعتقاد قبل أشهر قليلة، أن اتفاق الدول الغربية على حكومة فايز السراج، المنبثقة من حوار الصخيرات في المغرب الأقصى في ديسمبر/كانون الأول الماضي، من شأنه أن يفتح الأوضاع الليبية على مستقبل أفضل، وأن ينهي الحرب الأهلية. فضلاً عن استدراك خطر «داعش»، الذي تمركز في معقل القذافي في سرت، وربما بالتعاطف مع ورثته، وصار يحتفظ بعاصمة في المغرب العربي، ما يشبه إلى حد ما الموصل في العراق، والرقة في سوريا، وبالتالي صار يشكل خطراً داهماً على جيران ليبيا المحاذين، وعلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الشواطئ الليبية تبعد 320 كلم فقط، عن الشواطئ الإيطالية، هذا فضلاً عن مشكلة الهجرة، وتمركز مافيات تهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
وكان من المفترض أن يسعى رئيس الحكومة الليبية إلى الحصول على ثقة البرلمان الشرعي، الذي تعترف به الأمم المتحدة، ومقره طبرق في شرق ليبيا، غير أنه لم يفعل بسبب عدم توفر ضمانات له، للحصول على ثقة المجلس، وبالتالي لن يخاطر بتقديم حكومته، خوفاً من نزع الثقة منها.
وإذا كان صحيحاً أن بعض الميليشيات والفرق العسكرية الصغيرة، قد أعلنت ولاءها للسراج، فالصحيح أيضاً أنه لم يكسب ثقة الجيش الوطني الليبي، بزعامة الجنرال خليفة حفتر، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع جمهورية مصر العربية.
اللافت في حركة السراج منذ هبوطه في طرابلس بمساعدة قوات غربية أمريكية وفرنسية وبريطانية، أنه ينسق مع هذه القوى ولا يبدي اهتماماً يُذكر، بجمع الشمل الليبي من حوله، وبما أن هذه القوى تحتاج إلى شرعيته لتغطية الحرب الجوية التي تخوضها ضد «داعش»، فقد أعطاها هذه الرخصة التي أثارت ردود فعل رافضة من خصومه الذين اتهموه بالتبعية للأجانب، وهو اتهام خطر في الشارع الليبي الذي يتمتع بحساسية مفرطة، إزاء تدخل القوى الأجنبية في شؤونه الداخلية.
أغلب الظن أن السراج يريد أن يحقق إنجازاً بالتخلص من «داعش»، ما يسمح له بامتلاك نفوذ كاسح في الغرب الليبي، ينطلق منه من بعد للتفاهم مع الشرق. واللافت في هذا المجال هو المعلومات التي انتشرت حول طلب حكومة السراج من «العدالة الدولية» الامتناع عن استرداد سيف الإسلام القذافي، باعتبار أن القضاء الليبي يتولى أمره، وبالتالي لا يجوز مقاضاته مرتين. وإن صحت هذه الأنباء فإن تفسيرها الوحيد هو أن السراج يريد فك التغطية المباشرة أو غير المباشرة التي يحظى بها «داعش» في سرت، من طرف القبائل المتضررة من سقوط القذافي، والتي يؤدي ابتعادها عن التنظيم إلى إضعافه، ووضع حد لوجوده في المدينة.

وإذا كان أنصار السراج يراهنون على فرص نجاح هذا السيناريو، فمن المؤكد أن التفكك الذي أصاب المجتمع الليبي بعد رحيل القذافي، قد أصبح أكبر بكثير من أن يضعف أو ينتهي بمناورة من هذا النوع، حتى ولو كانت بحجم القضاء على «داعش»، ما يعني أن الحل يكمن في شروط أخرى، يمكن حصرها في التالي:
أولاً: الامتناع عن الاستعانة بأي طرف أجنبي في الصراعات الداخلية الليبية.
ثانياً: إغلاق صفحة النظام السابق عبر المصالحة الوطنية، وليس عبر تصفية عناصره. وهذا يعني إيجاد حل لمشكلة عائلة القذافي وأقربائه، وتوفير محاكمة عادلة لنجله سيف الإسلام، هذا في حال أرادت الأطراف الليبية استبعاد القذاذفة من العمل السياسي.
ثالثاً: إجراء مصالحة ومصارحة بين كل المكونات السياسية الليبية، من دون استبعاد أي منها، مهما صغر شأنه أو حجم تمثيله، وبالتالي الاتفاق على مستقبل البلاد، بما يتناسب مع مصالح وحجم وتطلعات أبنائها كافة. بكلام آخر تحتاج ليبيا إلى ما يشبه اتفاق الطائف اللبناني، الذي أنهى الحرب الأهلية، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار شدة وتعقيد خلافات اللبنانيين، فإننا يمكن أن نراهن على حل خلافات الليبيين الأقل تعقيداً وتشعباً من لبنان.
رابعاً: ينبغي الاتفاق على دمج كل الميليشيات الليبية في جيش جديد، يكون حامياً لمصالح الجميع، وليس فئة منهم، على أن يكون جيشاً محترفاً.
خامساً: يترتب العمل مع مصر والجزائر وتونس على إخراج هذا الحل، وربما توسيع التشاور، ليشمل السودان وتشاد، وعموماً كل جيران ليبيا، مع إعطاء الأولوية للقاهرة والجزائر، الأكثر تأثيراً وتأثراً بما يدور في هذا البلد.
سادساً: ضمان موافقة الدول الأجنبية المعنية بالأزمة الليبية على خطوط الحل المسبقة عبر التشاور الدائم معها.
ثمة من يعتقد بأن لا جدوى من «طائف ليبي» بالقياس إلى فشل «الطائف اللبناني» وهو اعتقاد خاطئ، ذلك أن «الطائف» قد أغلق ملف الحرب الأهلية اللبنانية المدمرة، ونقل خلافات اللبنانيين إلى المجال السياسي، وفي ذلك فارق في غاية الأهمية.

السراج يريد أن يحقق إنجازاً بالتخلص من «داعش»، ما يسمح له بامتلاك نفوذ كاسح في الغرب الليبي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"