جلال أمين ويوسف شاهين

03:28 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

قبل عقود من اليوم كان المرحوم الدكتور جلال أمين الباحث الرصين مقيماً في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة، ربما في مهمة دراسية أو أكاديمية، فليس هذا موضوعنا، وحدث يومها أن فيلم يوسف شاهين «إسكندرية ليه» عُرض في مهرجان سينمائي عالمي أقيم في المدينة، فقصد أمين مكان العرض وشاهد الفيلم، الذي كتب في ما بعد أنه لم يحبه، وبتعبيراته: «شعرت ببعض الغضب منه»، رغم أنه وجد بعض الحسنات فيه.
علم جلال أمين أن يوسف شاهين شخصياً موجود في قاعة العرض، وأنه مستعد للقاء من يريد من الجمهور مناقشة الفيلم معه، فذهب نحوه ووجه له ما لديه من انتقادات حول الفيلم تتمحور في التالي: هذا الفيلم موجه ل«الخواجات» وليس للمشاهدين المصريين والعرب عامة، وأن المخرج كان يبحث عما يرضي هؤلاء «الخواجات» ويفعله، بصرف النظر عما إذا كان ذلك ينسجم مع ذوق المصريين وايقاعهم.
أثارت ملاحظة أمين الانتقادية حفيظة يوسف شاهين، فردّ عليه بانفعال نافياً صحة تلك الملاحظة، وكتب أمين بعد سنوات أنه لم يقتنع برد شاهين ولم يحب طريقته في الرّد.
هذه الواقعة أوردها جلال أمين في كتابٍ له ضمّ فيما ضمّ مقالاً مطولاً عن فيلم يوسف شاهين عن ابن رشد، ومن سياق المقال نفهم أنه شاهد أغلبية أفلام شاهين، إن لم يكن كلها، لكنه لم يعجب بها أو بمعظمها، حيث إنه أدرج في قائمة أفلام شاهين التي لم ترق له، إضافة إلى «إسكندرية ليه»، «وداعاً بونابرت»، «حدوتة مصرية» و«المهاجر»، ووصف هذا الأخير بأنه «مبهر للعين ثقيل جداً على القلب»، لأنه وجد فيه، على ما قال، «رسالة سياسية سيئة»، حتى إن التلفزيون «الإسرائيلي» عرضه لاحقاً، مقدماً إياه على أنه دعوة للتطبيع.
على خلفية هذا الموقف المتحيز ضد شاهين وأفلامه شاهد جلال أمين فيلم «المصير» الذي كرّسه يوسف شاهين للفيلسوف الأندلسي الكبير ابن رشد، محمولاً على موجة الثناء على الفيلم. وفيما بعد خصّه بالمقال الذي أشرنا إليه في البداية.
هنا لم يظهر أمين نفس الدرجة مما يمكن وصفه ب«التحامل» على يوسف شاهين. أشاد كثيراً بتصوير الفيلم: «كل لقطة تحفة»، حسب وصفه. أشاد أيضاً باختيار شاهين للممثلين، وأثنى كثيراً على أداء نور الشريف الذي أكدّ، برأيه، «مقدرته العالية وذكاءه في فهم خلجات النفس». أشاد أيضاً بأداء محمد منير وبروعة موسيقى كمال الطويل.
لكن هذا الثناء لم يمنع جلال أمين من توجيه نقد لاذع للفيلم سنأتي عليه في حديث تالٍ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"