كلينتون وترامب .. أيهما أقل سوءاً للعرب والمسلمين؟

05:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عصام نعمان

العرب منشغلون بأنفسهم في كل أقطارهم: حروب، وانتفاضات، واضطرابات أمنية، وعصبيات مذهبية، و«صحوات» إثنية. المسلمون أيضاً منشغلون بأنفسهم في كل بلدانهم، شأنهم شأن العرب في معظم ما يعانونه على جميع المستويات. ليس غريباً، والحال هذه، أن ينشغل العرب والمسلمون في أمريكا بأنفسهم أيضاً، شأن أبناء جلدتهم في أوطانهم الأم. إلى ذلك، ثمة قاسم مشترك بين هؤلاء جميعاً في أوطانهم ومغترباتهم: أمريكا.
نعم، أمريكا هي سبب انشغالهم. أمريكا في سياساتها وممارساتها في عالم العرب، وعالم المسلمين، كما أمريكا في أوضاعها الداخلية ومخططاتها الخارجية، وما يمكن أن تكون عليه بعد انتخاب رئيسها الجديد في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
القضايا والتحديات التي يواجهها العرب والمسلمون في أوطانهم يواجهون مثلها، في الأغلب، العربُ والمسلمون في أمريكا في سنة الانتخابات الرئاسية. فهم منقسمون حولها في أوطانهم مثلما هم في مغترباتهم.
من المبكر معرفة أيٍّ من المرشحين، الديمقراطيين والجمهوريين، سيختار منهم كلٌ من الحزبين المتنافسين مرشحه النهائي للرئاسة. غير أن نتائج الانتخابات التمهيدية التي جرت مؤخراً في «يوم الثلاثاء الكبير» وشملت 12 ولاية أعطت الناخبين الأمريكيين جميعاً فكرةً عمّن سيكونان المرشحَين الرئيسيين فيها، وماذا ستكون سياسة كل منهما، بصورة عامة، بعد اضطلاع الفائز بمنصب الرئاسة.
نتائج «الثلاثاء الكبير» تشير إلى أن المرشح الأقوى بين الديمقراطيين هي هيلاري كلينتون، وبين الجمهوريين دونالد ترامب.
هيلاري، شأن زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، ليبرالية مناهضة للتمييز العنصري، ناقدة لقسوة الشرطة وانتهاكاتها بحق السود، معارضة للتمييز العرقي في الخدمات العامة، ساخطة على ظاهرة الانتشار العشوائي للسلاح بين المواطنين، داعية لإصلاح نظام التعليم، وجادة في توفير وظائف جديدة لتقليص البطالة المتزايدة. ولا شك في أنها مع احتدام المعركة الانتخابية ستصبح أكثر ليبرالية للحدّ من تأثير منافسها الأبرز، السيناتور بيرني ساندرز، الذي يعلن بصراحة واعتزاز أنه ديمقراطي اشتراكي.
دونالد ترامب رجل أعمال وثري كبير في القطاع العقاري، يميني متطرف إلى درجة الحماقة، لا يخفي امتعاضه من الأقليات عموماً، ومن السود وذوي الأصول المكسيكية خصوصاً، ويدعو إلى إقامة جدار عالٍ على طول حدود الولايات المتحدة مع المكسيك لوقف هجرة أبناء تلك البلاد إلى الولايات المتحدة، كما يدعو إلى منع المسلمين من دخولها.
ماذا عن موقف كل من كلينتون وترامب من قضية فلسطين؟
كلينتون تدعو، شأن زوجها من قبلها، إلى «حل الدولتين» في فلسطين، لكنها تعتبر نفسها صديقة لِ«إسرائيل». بصورة عامة، ولا يعقل أن تتخذ موقفاً سلبياً منها، أو من سياستها.
ترامب تعهد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس بعد وصوله إلى سدة الرئاسة، وانتقد دعم إدارة أوباما للتنظيمات الإرهابية، ولم يخفِ إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
وإذ تحرص هيلاري كلينتون على التصرف برصانة ومودة مع الناخبين، والامتناع عن مهاجمة منافسيها، لا يتورع ترامب في المقابل عن شتم منافسيه والتهكم عليهم ونعتهم بشتى النعوت. إنه شعبوي بلا حدود، وأحمق بامتياز.
العرب والمسلمون الأمريكيون لن ينتخبوا ترامب المعادي لهم والعازم على إيذائهم، بشكل أو بآخر، إذا تسنّى له الوصول إلى الرئاسة. لكنهم لن يتحمسوا لانتخاب كلينتون إلا بمقدار ما يساعدها ذلك على هزيمة ترامب. باختصار، تبدو كلينتون أقل سوءاً من ترامب الأحمق بالنسبة إلى أغلبيتهم.
مياه سياسية كثيرة ستجري، بطبيعة الحال، تحت جسور المنافسة الانتخابية المريرة من الآن لغاية يوم الاقتراع مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى ميل الناخبين عموماً إلى الديمقراطيين أكثر من ميلهم إلى الجمهوريين. وإذا ظلّ هذا الميل ثابتاً، فإن هيلاري كلينتون ستصنع سابقة تاريخية كأول امرأة أمريكية تُنتخب رئيسة خلفاً لباراك أوباما الذي كان صنع سابقة تاريخية أيضاً كأول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مُجاز في الحقوق ودكتور في القانون العام ومحام منذ السبعينات .. أستاذ محاضر في القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية زهاء عشر سنوات .. نائب ووزير سابق .. له مؤلفات عدة وعديد من الأبحاث والدراسات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"