طفولة المعرفة

03:28 صباحا
قراءة دقيقتين
شيماء المرزوقي

عندما يكون لديك رغبة بالحصول على المعرفة، فإنه لا يمكن أن تكون انتقائياً، لأنه من المهم أن يصبح كل مصدر من مصادر المعرفة هدفاً وغاية. ومن أهم تلك المصادر التاريخ والاطلاع على خبرات ومنجزات من سبقونا؛ لأن فهم التحديات والعقبات ثم معرفة الطرق والمهارات التي مكنت من تجاوز كل الصعاب من شأنهما منحنا الخبرة اللازمة التي تساعدنا في التغلب على التحديات المعاصرة التي نجدها في طريقنا.
ولعل مثل هذه الكلمات بديهية لدى البعض، إلا أن هناك شريحة تعتقد أن التوجه إلى المستقبل والنظر نحوه لا يمكن تحقيقهما بالعودة إلى الماضي. والحقيقة أن هذا فهم خاطئ لطبيعة العلم، وجهل بحاجات المعرفة وأركانها وما تقوم عليه من أسس.
عندما تتم دراسة الماضي بمختلف جوانبه وعلومه دون حساسية أو دون اعتقاد بأن صلاحيته انتهت، فهذه معرفة مهمة تمنح الدارس العلم والخبرة. ما يميز دراسة التاريخ، أو الموروث الإنساني بصفة عامة، أنه مكتمل الجوانب، بمعنى أن الصورة أمامنا مكتملة، ولا حاجة لانتظار نتائج جديدة، بل كل شيء كما هو لن يضاف له جديد، ولن ينقص منه شيء.
تكمن أهمية دراسة العلوم والمخترعات ومختلف المبتكرات البشرية التي تحققت في الماضي في منحها الكثير من المعارف التي يمكن البناء عليها، وتأسيس عمل مثمر ينطلق من معرفة مكامن الخطأ والنجاح والإبداع، فضلاً عن هذا، تمكنك مثل هذه العودة للماضي من الاطلاع على جوانب الضعف في تلك الحقبة، ومعرفة ما تستند إليه الآن من مخترعات ومبتكرات حديثة تدعم وتساعد وتسهل عليك عملية جديدة.
الكاتب الروماني والفيلسوف الشهير ماركوس توليوس المعروف باسم شيشرون، الذي عاش خلال الفترة من عام 106 حتى عام 43 قبل الميلاد، له كلمة في هذا السياق جاء فيها: «إن عدم معرفة ما جرى في الأزمنة السابقة يعني أن تظل طفلاً دائماً. إذا لم يستفدْ من جهود العصور الماضية، فلا بد أن يظل العالم دائماً في طفولة المعرفة».
ولكم أن تتخيلوا هذا الفيلسوف وقبل أكثر من ألفي عام يدعو للأخذ والاستفادة من العلوم والمخترعات والإرث الإنساني لمن سبقوه في تلك الحقبة، والتي هي لا تقارن بكل تأكيد لا بعصرنا الحاضر ولا بحقب زمنية قبل هذه التي نعيشها ولو بأكثر من خمسمئة عام. وهذا ينم عن الوعي بأهمية التجارب والمعارف في كل عصر وزمن.

[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"