وأول هذه الأخطار هو تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، وهو ما يعني سيطرة الروبوت على الإنسان وإخضاعه وليس العكس. البعض قد يضحك من مثل هذا السيناريو، ولكن عند التفكير ملياً فيما قد يحدثه العقل الاصطناعي وتجاوزه بمراحل للذكاء البشري، قد تظهر بعض العلامات المنطقية. الجانب الآخر في الموضوع هو الاختلالات الاجتماعية التي ستحدث، فقد شاهدنا ولمسنا أثر التقنيات الحديثة الحالية وتطور شبكات الاتصالات والهواتف الذكية وانتشار مواقع التواصل وغيرها من التطبيقات على تلك الهواتف التي باتت تتدخل في كل شيء من حياتنا، وكان لهذه التطورات أثر في المجتمعات البشرية، وسببت خللاً ومشاكل كبيرة، وهي بالمناسبة تعد تقنيات متواضعة أمام ثورة الذكاء الاصطناعي القادمة، لذا حذر العلماء من أن تشهد المجتمعات البشرية فوضى تنظيمية وأخلاقية وقيمية بكل ما تعني الكلمة.
أسوق لكم مثالاً واحداً فقط لهذا الخلل الواضح والفاضح والخطير في مسيرة الإنسان، عندما يتدخل الذكاء الاصطناعي، ويقوم بعمل تعديلات جينية، فإن المتوقع إنتاج إنسان جديد، يتميز بذكاء وبنية جسدية تختلف عن وضعنا الحالي، وهو ما يعني ظهور عنصرية جديدة وطبقية جديدة مبنية على الجينات الوراثية المعدلة، وفعلاً يصبح الإنسان نوعين الأول متفوق ومعدل وراثياً والآخر عادي بلا أي إضافات، وكما قال المؤلف الشهير كازو إيشيجيرو: «المجتمع قد ينقسم إلى طبقتين، الأولى تتميز بأطفالها الذين يولدون وفق طلبات معينة من أهاليهم الأثرياء، كأن يتخلصوا من أمراض معينة أو يرفعوا من معدلات ذكائهم وأدائهم الجسدي، والطبقة الثانية أدنى منزلة بيولوجياً، لأنها بقيت تتكاثر على طبيعتها بلا أي لمسات».
وهذه معضلة كبيرة كون استخدام هذه التكنولوجيا لابتكار جنس بشري متفوق، لن تكون متاحة للجميع نظراً لتكلفتها المادية الباهظة، وإنما محصورة في فئة قليلة جداً من البشر، هم الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال.
وهو ما يعني في نهاية المطاف نوعاً جديداً من العنصرية والطبقية، بل شق بين الناس جسيم لم يشهده التاريخ الحديث البشري من قبل.
شيماء المرزوقي
[email protected]
Www.shaimaalmarzooqi.com