أخبار «كورونا» الخاطئة

03:39 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

لو أن جائحة «كورونا» أتت في زمنٍ آخر غير زمننا، أعني في زمنٍ سابق له، فالمرجح أن انتشارها لن يكون بالاتساع الذي هي عليه اليوم، فترابط العالم، وتداخل أطرافه وتشابكها، بسبب سرعة الطيران وما بلغته وسائل النقل من تطور مذهل، سهلا حركة السفر والانتقال من بلد إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى. يكفي أن يأتي مسافر واحد من بلد مبتلى بالفيروس لينقله معه إلى دائرة واسعة في البلد الذي قصده.

لكن ليس هذا هو العامل الوحيد الذي يحمل البشرية على دفع الضريبة الباهظة لتقدّمها التكنولوجي. هناك أوجه أخرى لذلك، بينها ما يضخّه العالم الافتراضي من مواد على مدار الساعة، من «أخبار» وشائعات وأكاذيب وتهويمات ومبالغات حول الوباء، ومخاطره وطرق انتشاره، وسبل تجنبه، والكثير منها صادر عن جهات أو أفراد غير مختصين.

في وسائل التواصل الاجتماعي لا أحد يسألك عن مؤهلاتك ولا عن خبراتك حين تنشر رسالة أو تبث فيديو أو تسجل بصوتك ما تحسبه نصائح، فالفضاء مفتوح أمام الجميع، أمام كل من هبّ ودب، كما اعتدنا القول، وبالتالي، فإننا متلقون إجباريون لكل ما يرسل ويبث على هذه الوسائل، خاصة في ظروف العزلة المنزلية التي تخضع لها نسبة مهولة من البشر على مدار الكوكب كله.

لنراقب بأنفسنا أحوالنا منذ بداية صباحاتنا حتى الساعة التي نخلد فيها إلى النوم، ولنلاحظ الكم المخيف من الأخبار السيئة التي تتدفق إلينا من كل صوب، عبر هذه الوسائل، ولنلحظ ما تحدثه من إحباطات وخيبة أمل في نفوسنا، حتى لو جاء بعضها على شكل نكت أو طرف، غايتها كسر ثقل مرور الوقت ورتابة الروتين.

الأطباء والمختصون، عن حقّ وحقيق هذه المرة، يؤكدون أن الحالة النفسية للواحد منا هي أحد عوامل صموده بوجه الإصابة بالفيروس، أو الشفاء منه حين يصيب أحدنا، لا قدّر الله. وفي هذا السياق فإنهم يحذرون من تصديق كل التهويلات والمبالغات التي تصلنا عبر هواتفنا، أو الأخذ بما يرسل من «نصائح» ليست صادرة عن مختصين حول طرق تفادي الخطر، لأن بعضها يجنح نحو التقليل من المخاطر وتسفيه ما يقوله العلماء والأطباء من نصائح أو توجيهات، وبعضها الآخر يجنح نحو بث شحنات من الرعب والهلع التي من شأنها أن تصيب المعنويات في مقتل، والأمر في الحالين لا يجلب سوى المخاطر.

دعوا المهمة لأهلها، للأطباء والعلماء من ذوي الثقة والخبرة الذين بجهودهم تجتاز البشرية المحنة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"