الـ «أفوكاتو» مفيدة

04:32 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن

«حدث في مثل هذا اليوم»، عبارة نشأنا عليها مذ كنا صغاراً. نصادفها عنواناً لباب ثابت في الصحف، يذكرنا بأهم الأحداث التي وقعت فيما مضى من سنوات وحتى قرون في مثل هذا اليوم من معارك وثورات واكتشافات وزلازل أرضية، وولادة أو موت مشاهير تركوا في التاريخ بصمات.
العبارة نفسها أصبحت اسماً لبرامج في الإذاعة والتلفاز، لنفس الغاية، وفي حالة التلفاز قد يقترن تقديم الأحداث التي جرت في مثل هذا اليوم بأشرطة مصوّرة لها.
الأغلب أن هذه العبارة لم تختف بعد لا من الصحافة ولا من الإذاعة والتلفزيون، ولكن ظهر في السنوات الأخيرة منافس قوي لهما، هو محرك البحث «جوجل»، الذي كثيراً ما يختار شخصيات مرموقة، في الفن والثقافة والعلم وحتى السياسة ليحتفي بها بوضع صور أصحابها في صدر صفحته في الأيام التي تصادف ذكرى ميلاد أو وفاة هذه الشخصيات.
شخصياً كتبت أكثر من مقال من وحي اختيارات «جوجل» عن شخصيات ما كنت لأتذكرها لولا تنبيهه لنا عنها، ومن الشخصيات التي اختيرت في الشهور الماضية الفنانة التشكيلية والناشطة النسوية المصرية إنجي أفلاطون، والمطربة العراقية ذات الأصول الأرمنية عفيفة إسكندر، وغيرهما من الشخصيات، التي تُعرفنا سيرتها بصفحات مشرقة وحافلة من تاريخنا.
ما هو متيسر من معلومات يفيد بأن فكرة احتفاء «جوجل» بمثل هذه الأسماء ظهرت عندما طلب لاري بيدج وسيرجي برين، مؤسسا «جوجل»، من المتدرب دينيس هوانج أن يصنع شعاراً احتفالياً خاصاً للاحتفال بيوم الباستيل (العيد القومي الفرنسي) المصادف 14 يوليو 2000، ما أحدث أثراً طيباً لدى مستخدمي «جوجل» في فرنسا، فشجع ذلك الشركة على تكريس هذا التقليد، بحيث إن «جوجل» صممت أكثر من ألفي شعار من مختلف البلاد والأفكار.
وطبيعي أن يطرح هنا السؤال عن كيفية اختيار المناسبة أو الشخصية المراد الاحتفاء بها، والجواب الذي عثرنا عليه يقول «إن ذلك يتم عبر آلاف الأفكار التي تقدّم إلى الشركة طوال الوقت؛ حيث يكون جزء من اقتراحات الموظفين في الشركة والجزء الآخر يكون من زوار الموقع».
آخر من جرى الاحتفاء بهم كانت المصرية مفيدة عبد الرحمن، المرأة التي طرقت مجالاً لم تطرقه قبلها نساء مصريات أو ربما شرقيات، وأحرزت فيه نجاحاً ملموساً، حين أصبحت في العام 1939 أول مصرية محامية (أفوكاتو) ترتاد المحاكم بما في ذلك العسكرية منها، ولم يحل وضعها كزوجة وأم دون نجاحها في مهنتها حتى أصبح الموكلون يختارونها هي بالذات لتترافع عن قضاياهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"