العالم يغلي فوق النار

04:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
روبرت هونزيكر *

«العالم يعيش فوق النار» هو مجرد مقدمة لسيناريو مناخي كارثي أصبح «هائجاً بشكل جنوني» ويكاد من المؤكد أن يجرد الحضارة في نهاية المطاف، من جميع المظاهر في وقت أقرب، لكن العلماء لا يعبرون عن هذه التوقعات بصراحة. والمعروف أن الحرائق البرية الضخمة غير المنضبطة وغير المسبوقة تستهلك أجزاء من غابات الأمازون المطيرة والعديد من مناطق القطب الشمالي. وهنا يجب أن نسأل أنفسنا لماذا، يتحول اثنين من أكبر الأنظمة البيئية إلى دخان؟
الحديث عن الحرائق الضخمة وهي تقع على بعد آلاف الأميال في المناطق البرية الشاسعة ربما لا يحرك الأمور بما يكفي لتعبير الناس عن قلقهم الشديد أو حتى الوصول إلى حد الذعر.
فهذه الحرائق ليست ناتجة من مصانع عادية؛ بل هي عواصف نارية قوية جداً تولد أنظمة ريحية خاصة لتديم نفسها.
لم تكن حرائق الغابات الأخيرة في أستراليا (2019) غير مسبوقة فقط؛ بل كانت «كارثية مميتة»، وبالتالي تركت بعض النظم البيئية «لتتغير إلى الأبد». لقد قضت هذه الحرائق الهائلة على مناظر طبيعية بأكملها وأدت إلى تغير مناخ كوكبنا.
اليوم وعلى غرار حرائق أستراليا قبل عام، تعاني المزيد الموارد الطبيعية الثمينة من موجات المحو التام.
ستة أشهر من درجات الحرارة القياسية تسببت بحرائق هائلة في القطب الشمالي السيبيري هذا العام. لقد كانت الأعمدة الضخمة من الدخان مرئية بواسطة الأقمار الصناعية وزادت الحرارة 5 درجات مئوية فوق المتوسط ​​في معظم أنحاء سيبيريا... وخلصت دراسة دولية صادرة عن مكتب الأرصاد الجوية إلى أن هذه الفترة من الطقس الاستثنائي كانت مستحيلة لو لم يسخن العالم بفعل الإنسان وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
البروفيسور بيتر ستوت من قيادة مكتب الأرصاد الجوية يقول: ما نراه حقاً غير مسبوق... أما الدكتورة كاثرين هندري فتقول: بالنظر إلى السجل الجيولوجي، لا نعتقد أننا رأينا مستويات لثاني أكسيد الكربون بهذا الارتفاع خلال 5 ملايين سنة...
المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء أبلغ عن 6803 حرائق في الأمازون في يوليو/ تموز 2020 وحده، أي بزيادة قدرها 30% عن شهر يوليو/ تموز 2019. ولقد استاء العالم الغربي جداً بسبب فقدان الغابات المطيرة جراء الحرائق الناجمة عن الإنسان علماً بأن الحرائق في الحقيقة ليست سمة عادية للغابات المطيرة.
ووفقاً لبيانات المركز الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء، فإن الأشهر الستة الأولى من عام 2020 هي بالفعل الأسوأ على الإطلاق في مجال إزالة الغابات.
لقد حدث تغير المناخ بسرعة قصوى في جميع أنحاء الغابات المطيرة الرائعة مع توفر ظروف الجفاف المدمرة التي تظهر جزئياً، جراء عمل المحركات ومحطات توليد الكهرباء التي تعمل كلها بالفحم الساخن وبالوقود الأحفوري، لينبعث منها ثاني أكسيد الكربون، الذي يعتبر من غازات الدفيئة التي تغطي الغلاف الجوي، التي تزيد بدورها من موجات الجفاف الشديدة المدمرة.
ووفقاً لتحليل متعمق لغابات الأمازون المطيرة: تشير العديد من الدراسات إلى أن المنطقة تعاني الجفاف الشديد منذ نهاية القرن الماضي، كما في 1997/1998 و2005 و2010 و2015. ولوحظ أن فترات الجفاف هي حلقة تتكرر تقريباً كل خمس سنوات مع زيادة كبيرة في منطقة التغطية. وهذا أمر ليس طبيعياً، ما يعني أن شيئاً ما خاطئ يحدث بشكل فظيع في مكان ما.
ووفقاً لوكالة ناسا، فإن درجات الحرارة الأكثر دفئاً لسطح المحيط في شمال المحيط الأطلسي تخلق ظروفاً لحدوث مزيد من الجفاف الشديد في منطقة الأمازون؛ حيث تؤدي حرارة المحيط الزائدة إلى أضرار بعيدة المدى.
وفي الوقت نفسه، فإن الأزمات المتعلقة بالمناخ على نطاق واسع والتي لم يتم تسجيلها من قبل على مدار تاريخ البشرية تستمر في التطور نحو التصعيد، بشكل جدي، مباشرة أمام «أعين المجتمع المغلقة».

* كاتب مستقل وصحفي بيئي متخصص في التاريخ الاقتصادي (موقع كاونتر بانش)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"