الحل في المواجهة

05:19 صباحا
قراءة دقيقتين
سوسن دهنيم

من السهل تجاهل المشكلات والأمور الطارئة على حياتنا، لكن ماذا لو استمر هذا التجاهل، وكبرت هذه الأمور الصغيرة، لتخلّف مشكلات لا يمكن حلها بسهولة، وربما يستحيل حلها؟

قبل فترة نُشِر إعلان توعوي لمركز أبحاث السرطان في بريطانيا حول تجاهل أعراض السرطان والأورام. الإعلان كان حقيقياً وواقعياً ومعبراً عن الحال، إذ يصور مشكلة في أحد الشوارع وهي عبارة عن ارتفاع كروي بسيط عن السطح يعبر الناس من فوقه من غير اكتراث، ثم يكبر هذا الارتفاع ليعبر الناس من حوله وكأنه غير موجود، وهكذا حتى يصبح واضحاً وكبيراً ومزعجاً، ولكن الناس اعتادت على وجوده والمرور من جنبه من غير التفكير في إصلاحه، أو استئصاله، ليعود الشارع كما كان.

في بعض الأحيان يشعر المريض بأن به بعض الأعراض التي تتطلب مراجعة الطبيب، لكن شعوره بأن هذه المراجعة ستستنزف وقته وجهده وماله يجعله يتجاهلها، ويفضل الجلوس في مربع الراحة الذي يصعب الخروج منه لمواجهة أي طارئ مهما كان بسيطاً، فيما يكون سبب التجاهل في بعض الحالات هو الخوف من الصدمة التي قد يتعرض لها إذا ما عرف أن به لمماً أو مرضاً.

يمكننا أن نشبّه أي مشكلة بهذا المرض الذي تكبر أورامه في جسد ضحيته من غير أن ينتبه لوجودها أحياناً، وبتجاهل منه لأعراضها أحياناً أخرى، حتى تقع الفأس في الرأس وتصعب معالجتها وأحياناً تستحيل.

تجاهل المشكلات سهل جداً، ولا يتطلب جهداً كالذي يحتاج إليه حلّها، ولكن عواقبه وخيمة على من يقوم به، فمواجهة المشكلة لحلها تحتاج إلى صبر وقوة وشجاعة أياً كانت المشكلة، وعادة ما يقال: نصف الحل يكمن في المواجهة. وهذا ينطبق على المشاعر السلبية كذلك من خوف وقلق وكره وغيرها من المشاعر التي تؤثر سلباً في حياة الفرد وعلى محيطه.

أحد الزملاء كان يعيش في دائرة الخوف من الفشل التي تسبب فيها معلمه في الابتدائية من جهة، ووالدته وإخوته من جهة أخرى، فقد كان تحصيله الدراسي منعدماً، لا يستطيع الحصول إلا على درجة النجاح الدنيا، وكان كثيراً ما يُنْعَت بالفاشل إلى أن اقتنع بأنه فاشل بالفعل، فلم يقدم على أي خطوة تحتاج منه إلى الجرأة، ولم يتقدم للحصول على أي وظيفة رغم حصوله على شهادة جامعية في العلاقات العامة، حتى آمن به زميل آخر وأعطاه مسؤولية كبرى في مكتبه الذي يؤسسه للتو، رفضها في البدء خوفاً من الفشل، وتحت إلحاح من الجميع وافق، وها هو اليوم مدير علاقات عامة معروف جداً في محيطه، بعدما واجه نفسه و«فشله» المزعوم.

جميعنا قادرون على النجاح والمواجهة متى ما أردنا ذلك بالفعل، ومتى ما آمنا بأنفسنا وقدراتنا وسعينا لحل أبسط المشكلات التي تواجهنا حال وقوعها من غير تسويف أو تأجيل أو تجاهل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"