أوروبا لن تقف مع إيران ضد أمريكا

05:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

ألكسندر مركوريس*

بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران قائلا إنه سيعيد فرض العقوبات الأمريكية على هذا البلد، أعلن عدد كبير من القادة الأوروبيين، بمن فيهم قادة الدول الثلاث الأكثر نفوذاً والشركاء في الاتفاق- بريطانيا وفرنسا وألمانيا - إنهم سيبقون ملتزمين به.
وتحدث قادة أوروبيون بلهجة تحدي، قائلين إنهم سيدعمون الشركات الأوروبية التي تتحدى القرار الأمريكي وتواصل أعمالها مع إيران.
ومن جهته، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني - الذي فاوض شخصيا حول الاتفاق وله بالتالي مصلحة في استمراره - ان إيران ستواصل الالتزام بالاتفاق بانتظار معرفة الموقف النهائي لأوروبا.
وكل ذلك أدى الى تزايد الحديث - أو الأمل - عن أن صفحة في العلاقات الأمريكية - الأوروبية قد طويت، وأن الاتحاد الأوروبي سيتحدى أكثر فأكثر من الآن فصاعدا الولايات المتحدة، ما يجعل القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي خطوة أخرى على طريق انحسار القوة الأمريكية.
وفي وقت تتقلص حصة أمريكا في الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية، أخذ الأوروبيون، وكذلك الآسيويون، يشجعون شركاتهم على الاستفادة من ذلك، ما يمكن أن يلحق خسائر بالولايات المتحدة، خصوصا في وقت أخذ الدولار الأمريكي يخسر دوره كعملة مرجعية.
باختصار، إذا أخفقت الولايات المتحدة في منع تنامي التجارة الأوروبية والآسيوية مع إيران، فإن المؤرخين سيعتبرون هذه اللحظة منعطفا في تراجع القوة الأمريكية العالمية.
غير أنني لا أتفق مع هذه التوقعات، أو هذه الآمال. فإذا كان واضحا ان القادة الأوروبيين قد صدموا بقرار ترامب الانسحاب من اتفاق دولي لعب الاتحاد الأوروبي دورا كبيرا في إقراره، إلا أنني أشك بقوة في ان تكون لديهم الشجاعة أو الإرادة لتحدي الولايات المتحدة وتشجيع شركاتهم على مواصلة أعمالها مع إيران.
وبرأيي، من المستبعد أن تخاطر كبريات الشركات الأوروبية بتعرضها لغرامات أمريكية وتواصل تعاملها مع إيران. وحتى إذا أعطت الحكومات الأوروبية شركاتها ضمانات بتعويضها عن أي خسائر نتيجة لمثل هذه الغرامات، فإن الشركات الأوروبية لن تخاطر بخسارة السوق الأمريكية، وهي سوق أضخم بكثير من السوق الإيرانية.
ونظرا إلى تنامي العداء لإيران داخل إدارة ترامب، فإن تهديدا أوروبيا علنيا بفرض عقوبات على الشركات الأمريكية التي تتعامل مع السوق الأوروبية الموحدة سيكون العامل الوحيد الذي قد يردع الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على الشركات الأوروبية التي تواصل التعامل مع إيران. غير أنني أعتقد ان هذا أيضا احتمال مستبعد، لأنه ليس هناك إجماع أوروبي حول مثل هذا الموقف. فمن المؤكد أن دولا مثل بولندا وجمهوريات البلطيق لن تؤيد مثل هذا التحدي الأوروبي لأمريكا. وحتى الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي - بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا - لن تغامر في النهاية بقطيعة مع الولايات المتحدة بسبب مثل هذه المسألة.
بكلام آخر، رغم ان الأوروبيين يرغبون في التعامل مع إيران واستمرار تجارتهم معها، إلا أن السوق الإيرانية ليست كبيرة بما يكفي لكي يخاطروا بقطيعة مع الولايات المتحدة.
وأنا واثق من أن الأوروبيين - وإن كانوا غاضبين من هذا القرار الأمريكي - سيرضخون للولايات المتحدة ويفعلون ما تريدهم أن يفعلوا.
وهذا يعني بالتأكيد تقريبا أن الاتفاق النووي مع إيران محكوم بالسقوط. والإيرانيون أنفسهم أعلنوا أنهم لن يتمسكوا بالاتفاق إذا كان لا يعود عليهم بمنافع اقتصادية.
وبناء على كل ذلك، أتوقع أن يستأنف الإيرانيون برنامجهم النووي في غضون أسابيع.
ولكن عند تلك اللحظة، سوف يزداد خطر هجوم عسكري «إسرائيلي» بدعم أمريكي على إيران.

*حقوقي ومعلق سياسي، موقع «كونسورتيوم نيوز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"