شبكة الإرهاب المحلية والدولية

03:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاطف الغمري

لا يزال الباحثون في الغرب ينشغلون بتحليل الطريقة التي تتم بها الهجمات الإرهابية ضد مصر، سواء في المدن المصرية، أو ما جرى في الواحات، ثم ما حدث في سيناء. وإذا كانت أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم «داعش» في ارتكاب بعضها، فإن شبهة وجود «الإخوان» في هذه الأحداث لا تفارق المشهد الدامي.
وسواء كانت بصمات «داعش» ظاهرة بوضوح، فإن ضلوع «الإخوان» فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تبدأ خيوطه الأولى منذ أعلن (الإخواني محمد البلتاجي)، وسط صراخ المتجمعين في ميدان رابعة، بعد الثلاثين من يونيو/حزيران 2013، أن ما يحدث في سيناء، سيتوقف في نفس الثانية، التي يتراجع فيها عبدالفتاح السيسي عن موقفه.
وبالنظر إلى الصورة غير المباشرة للتواجد «الإخواني» في هذا المشهد، فإن هذا التنظيم لا يزال يعد الحاضنة، التي تربت فيها كافة قيادات المنظمات الإرهابية، من «القاعدة» وحتى «داعش»، مروراً بتفريخ جماعات أخرى، خرجت من عباءة «الإخوان»، وهي تحمل مسميات متنوعة، مثل: «الجماعة الإسلامية»، و«الجهاد»، وغيرها..
ولا زالت دعوة تكفير المجتمعات بكاملها، معلقة بالعقيدة، التي أطلقها سيد قطب، بتكفير المجتمع، التي استوحاها من تعاليم الهندي، أبو الأعلى المودودي، الذي كان يكفر غير المسلمين في الهند، قبل أن ينفصلوا عنها ويقيموا دولة باكستان الإسلامية. بينما سيد قطب قد كفر كل المسلمين متجاوزاً خطوط فكر المودودي.
ولا زالت هناك صلة بين مختلف الجماعات الإرهابية، و«الإخوان»، وقد لفت نظري، قبل عامين، شريط فيديو لشخص من أصل إفريقي؛ (عبارة عن رسالة سجلها بنفسه)، عثرت عليه الشرطة الفرنسية؛ بعد مقتله عقب ارتكابه هجوماً مسلحاً في قلب باريس، وهو يقرأ بعربية ركيكة للغاية، نفس صيغة قسم البيعة في تنظيم «الإخوان».
وعند التوقف أمام العلاقة المباشرة، فالمعروف أن أعضاء «داعش»، الذين فروا من سوريا والعراق، قد اتجهوا إلى ليبيا؛ ليجعلوا منها قاعدة بديلة لنشاطهم الإرهابي ضد الدول العربية، وخاصة مصر والدول المجاورة لليبيا. معتقدين أنها يمكن أن تصبح ملاذاً آمناً لهم؛ لما تعانيه من انقسامات، ومن تواجد لتنظيمات إرهابية، تتيح لهم السيطرة على أجزاء من ليبيا. ثم ما رأيناه من محاولات متكررة لتسلل مجموعات منهم إلى مصر، تحملهم عربات دفع رباعي، وقد جُهِزوا بالأسلحة المتقدمة، التي تصل كلفتها إلى ملايين الدولارات، التي تترصدها القوات الجوية المصرية، وتدمرها بما فيها ومن فيها. فمن يدفع هذه التكاليف الباهظة؟.
ومن المعروف أن ليبيا صارت مرتعاً ل«الإخوان»، سواء من الفارين من مصر، منذ 2013، أو لمنظمات ليبية تابعة أصلاً لـ «الإخوان»، أو متعاطفة معها. كما أن دفع هذه التكاليف، التي تقدر بالمليارات، ليست في مقدور جماعة بمفردها. وإن كان «الإخوان» منذ خروجهم من مصر أيام عبدالناصر، وانتشارهم في دول أوروبية منها بريطانيا، وألمانيا، وكذلك الولايات المتحدة، قد أسسوا لأنفسهم شركات، ومصانع، وبنوكاً، ومشروعات أخرى متنوعة، تدر عليهم أرباحاً، جعلتهم يديرون ما يوصف بالإمبراطورية المالية، التي ينفقون منها ببذخ على خدمة هدف عقيدتهم، التي تقوم إلى التمكين لهم من حكم مصر، وأيضاً الدول العربية.
لكن هناك بعد ثالث - يلحق بالعنصرين المباشر وغير المباشر- وهو وجود دور مؤثر لمخابرات أجنبية، وهو ما تظهره طبيعة الهجمات التي تقع، وأسلوب التخطيط لها، والوصول إلى الأماكن المستهدفة، ونوعية السلاح المستخدم، الذي لا يتوافر إلا لدول متقدمة في المجال العسكري، التي تمثل سنداً وداعماً، وأيضاً محركاً للجماعات الإرهابية.
ولا ننسى ما سبق أن كتبه رجل المخابرات الأمريكية الشهير مايلز كوبلاند - الذي عرف بأدواره المخابراتية في الشرق الأوسط من أن مكتب «إرشاد الإخوان» (13 عضواً)، مخترق من مخابرات أربع دول أجنبية، وأن ارتباطهم كجماعة بأجهزة المخابرات الأجنبية، قد تكشف منذ رفع الحظر قانوناً، عن وثائق المخابرات الخارجية البريطانية (MIB)، التي أقرت صراحة بتحالف تنظيم «الإخوان» معهم، ما دامت هذه العلاقة ستساعدهم على بلوغ هدف التمكين من الحكم، الذي صارت له أولوية عندهم.
إن العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر، وتقع أيضاً في دول عربية أخرى، ليست من فعل طرف بمفرده؛ لكنها صناعة شبكة، جمعتها معاً مصالح وجد كل طرف فيها، أن مصلحته في التورط مع بقية الأطراف في تلك الجرائم الوحشية التي هي ضد الإنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"