هكذا تكلم كيري

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين
خيري منصور

لم يزعم الوزير «كيري» بأنه زرادشت أو حتى إمرسون أو والت ويتمان، لهذا تكلم كما ينبغي له أن يتكلم كرئيس لدبلوماسية دولة أعلنت مراراً أن أمن تل أبيب من أمنها، وأنها منذ البدء ولية النعمة لإحدى ولاياتها التي حولها زلزال سياسي عام ١٩٤٨ إلى نتوء في شرق المتوسط.

انتظر الفلسطينيون ما سيقوله كيري لدى زيارته إلى سلطتهم في رام الله، ومنهم من كانوا يحزرون الأقوال ذاتها، فرفعوا شعارات لا ترحب بالضيف الثقيل الذي يصاب بالعمى على بعد كيلومتر واحد من القدس، فالمطلوب منه أن يرى ما يريد نتنياهو، لهذا فالرضيع الذي يحرق حياً إرهابي تماماً كما كانت توصف الأم التي يطلق عليها الرصاص بأنها مخربة!
إن الحبل الممتد بين الخير والشر والحق والباطل الذي تكلم عنه زرادشت يتحول لدى كيري إلى أحد حبال السيرك، وإن كان لاعب السيرك أكثر مهارة في التنقل بين طرفي الحبل من دبلوماسي كان ذات يوم قاب صندوقين أو أدنى من الرئاسة والدخول إلى البيت الأبيض بصفة أخرى!
ها هو إذن مصطلح الإرهاب يعود إلى ما كان عليه من التباس، والسبب في ذلك ازدواجية المعيارين السياسي والأخلاقي. وكأن هناك إرهاباً حميداً يستحق الحماية والثناء مقابل إرهاب خبيث يستحق الاقتلاع من جذوره.
ما رآه كيري في فلسطين سبق أن رآه أسلافه ومنهم الرئيسان الأمريكي والفرنسي، ولابد أنه شاهد الرئيس الأسبق لفرنسا شيراك وهو يحاول الإفلات من حصار جنود الاحتلال. ورغم البشارة التي حمّلها أوباما لوزيره وهي مواصلة الإصرار على حل الدولتين، إلا أن هذه البشارة شأن سابقاتها أشبه بسراب أو حمل كاذب!
وما قاله بريجنسكي ذات يوم عن القوة التي تنقصها العدالة ينطبق حرفياً على الإدارات الأمريكية المتعاقبة ورغم اختلاف أسماء الرؤساء أو الحزب الذي ينتسبون إليه أو حتى ألوانهم. إلا أن الثابت المتكرر هو تذكير العالم بأن هناك توأمة أمنية ومصيرية بين واشنطن وتل أبيب.
والمشهد الفلسطيني الآن عارٍ من أية مساحيق سياسية أو دبلوماسية والحرب التي يواصلها الاحتلال ضد المدنيين لم تتوقف عند هدنة واحدة!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"