أيها العرب.. انهضوا

05:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
رائد برقاوي

عندما يتحول الأمل إلى حقيقة، فإن الرؤية تكون صائبة.. وعندما يكون حلماً ثم يصبح واقعاً، فإن الرؤية تكون ثاقبة.. هذه باختصار قصة مسبار الأمل الإماراتي العربي الإسلامي، الذي ينطلق خلال ساعات إلى المريخ.
القرار الإماراتي تاريخي.. والحدث العالمي تاريخي، وكلاهما مفخرة عربية بامتياز، يعيدان إلى الأمة بعضاً من تاريخها المجيد عندما كانت في أوج ازدهارها العلمي تقدّم للبشرية فكراً وعلوماً وإنسانية، بينما العالم آنذاك أسير الحروب والويلات.
في زمن الإحباط العربي حيث كانت منطقتنا تحت وقع الاضطرابات والفوضى التي أججها الإسلام السياسي، وعندما كان العالم يعيش بدايات فوضى الإرهاب وهجماته القاتلة؛ أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هذا القائد الاستثنائي الذي بنى دبي الحديثة وحوّلها إلى أمل للعرب وحلم لشبابها، في عام 2013 في خلوة وزارية في جزيرة صير بني ياس، مشروع الإمارات إلى الفضاء. عندها قال كثيرون: ماذا يفعل هذا القائد.. الحروب تملأ الأرض وهو يتجه إلى الفضاء؟
كان محمد بن راشد يفكر «خارج الصندوق»، فهو مؤمن بأن الفوضى مهما طال زمنها ستنتهي أو تتلاشى، وسيكون النصر فيها للحق والاعتدال والوسطية، حيث مبادئ ديننا الحنيف، فلا بد لنا في هذا المعترك أن نواصل البناء والنهوض بمجتمعاتنا وأوطاننا والبشرية جمعاء، كما صنيع ديننا دائماً على مر العصور، فالبكاء لا يفيد والوقوف على الأطلال لن يعيد اللبن المسكوب، ولا بد من الاستعداد للمستقبل بالعقل والعمل والمثابرة.
رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي خطّها مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تنطلق أساساً من أن الإماراتيين والعرب والمسلمين قادرون رغم كل الظروف على المساهمة في شتى أنواع العلوم خدمة للإنسان أينما وجد، وأن العلم هو الطريق الأسلم والصحيح والفعّال لمساهمة الشباب العرب في النهوض بمجتمعاتهم.. إنها رسالة أمل إماراتية لكل الشباب العرب لتعزيز ثقتهم بأنفسهم والانطلاق نحو غدٍ أفضل.
لم يقتصر مشروع الإمارات إلى الفضاء على إرسال أول رائد فضاء إماراتي، بل كان سقف الطموحات أعلى، فالهدف هو المريخ ذلك الكوكب الذي يبعد عن الأرض 493 مليون كيلومتر، فكان القرار بمسبار الأمل، حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ تأسيس الدولة بالوصول إلى الفضاء.
مسبار الأمل الذي يضع الإمارات في المرتبة التاسعة عالمياً في الوصول إلى المريخ هو أملنا العربي الجديد الذي يجب أن نبني عليه لمستقبل أفضل. إنه إنجاز تاريخي، صُنع بأيدي 200 شاب وشابة إماراتيي الهوية.. عرب الانتماء، تعلموا في الإمارات وعززوا مهاراتهم في أرقى الجامعات العالمية، وعادوا إلى وطنهم للبناء.. تعلموا من قياداتهم أن لا شيء مستحيل، وأن لا سقف للنجاح.. لم تكن الأرض حدود تطلعاتهم بل كانت السماء هدفهم والمريخ مبتغاهم.
اليوم.. في مقابل اليأس العربي تقود الإمارات بتفاؤل عظيم كينونة الإنسان العربي إلى أنوار السماء، وإلى العلو والمجد والسمو الهادئ للمريخ.. إنها مبادرة علمية بحثية تنطوي على كل دلالات التحضر. هي نقلة مباشرة من تراب اليأس المرمد بنفايات العنف إلى أمل الإنسان المتحقق تماماً في هذا المشروع الإماراتي العالمي الكوني.
مسبار الأمل قصة عربية ملهمة للأجيال ستدرّس لسنوات، فهي حلم تحقق من صحراء الإمارات؛ هذه الأرض الطيبة المعطاء التي أصبحت أنموذجاً تنموياً وعمرانياً، لتكون أملاً لملايين الشباب العرب للتسلح بالعلم والنهوض بأوطانهم.
مسبار الأمل، قصة شائقة، عظيمة، ملهمة.. فانهضوا يا عرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"