غربة العلوم في الإعلام

04:38 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

ماذا لو غيّرت وسائط الإعلام العربية جلدها وفاجأت الجماهير بثورة برامج علمية؟ بين عشية وضحاها، يجد الناس أنفسهم أمام ثمار من كل حقل علمي سلة. هل يعاني العرب قحط المجلات العلمية؟ أبشروا فالفضائيات تعجّ (قل آمين) بالغيارى الذين تأبى شهامتهم إغراق أشقائهم في سفاسف المسلسلات الهابطة، و«الفنون» التي لا تجد لساقطتها لاقطة.

المشاهدون العرب يعرفون البئر وغطاءها، فلا ينتظرون إنتاج علوم من المنتج العربي إلى المستهلك العربي، فهم يُدركون أنه حتى لو عقدت حشود علمائنا العزم على إبداع البرامج التي تجعل العربي يرفع هامته في زحام الإعلام العالمي، فإن الميزانيات ليست دائماً طريقها سالكة.

الترجمة أو الدبلجة ليست عيباً. هل بلاد العرب متقدمة على فرنسا؟ جانب كبير من الوثائقيات العلمية التي يبثها الإعلام الفرنسي بالفرنسية، إنما هو إنتاج أمريكي أو ألماني. ولا غضاضة في ذلك.

لا حاجة إلى القول إن هذا النقص معيب، ولا يليق بفضائيات تحترم شعوبها. يقيناً، لا ينبغي لإعلامي عاقل السؤال: هل تعرف يا هذا فضائية واحدة في دولة متقدمة أو متخلفة تبث ساعات من العلوم يومياً؟

أما الشق الأول فالعالم العربي لا يقارن بالمتقدمين، فهم متقدمون، ثم إن لديهم في كل بلد عشرات أو مئات من المطبوعات العلمية، ومواقع للعلوم على الشبكة شتى، وعندهم أعداد من الجمعيات والنوادي العلمية. كما أن برامجهم غير العلمية هي أيضاً علمية، من حيث عمق التناول والبحث والقيمة. وأما الشق الآخر فلا نجاة من التخلف إذا قاس المتخلف حلول الخلاص على المتخلفين.

أردأ الرديء هو التشبث بالحلول الزائفة التي هي خداع محض للمشاهد، وثمنه باهظ من حيث الانعكاسات النفسية والذهنية السلبية. ليس من العقل على الإطلاق تقديم نشرة أخبار مفصلة كل رأس ساعة، مدتها أحياناً خمسون دقيقة. إذا رأى أحد في هذه الأسطوانة المشروخة نظرية إعلامية، فهي بلا أدنى شك عدوان إعلامي على نفوس المشاهدين. ليس من حق الفضائيات السطو على أوقات الناس والإلقاء بهم في الدم والحديد والنار على مدار الساعة، بدعوى توعيتهم وتركهم «في الصورة».

لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: تكراراً لا يمل، إن لفظ إعلام مشتق من ثلاثي العلم والتعليم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"