إيما بونينو أمل “الخارجية” الإيطالية

ثلاثة عقود من عضوية البرلمان أوصلتها إليها
00:25 صباحا
قراءة 4 دقائق

هي الشخص المناسب في المكان المناسب، حملت حقيبة الخارجية الإيطالية نهاية الشهر الماضي بعد سنوات خبرة طويلة في عضوية البرلمان الأوروبي، وعضوية لجان الشؤون الخارجية، والميزانية، وحقوق الإنسان بمجلس النواب الإيطالي، وعملت وزيرة للتجارة الدولية بين عامي 2006 - 2008 في حكومة رومانو برودي، وهي وجه إيطاليا البارز في المحافل الدولية، قال عنها مراقبون أوروبيون بعد اختيارها أخيراً هناك بعض الأخبار الجيدة تأتي من إيطاليا .

إنها إيما بونينو وزيرة الخارجية الجديدة في حكومة انريكو ليتا التي حصلت على ثقة مجلسي النواب والشيوخ بعد مخاض عسير دام شهرين، وهي الحكومة التي سيتعين عليها مواجهة أزمات الكساد وتراجع معدلات النمو وزيادة معدلات البطالة، إضافة إلى تطهير الحياة السياسية بعد عدم استقرار كبير شهدته الساحة الإيطالية، وتمثل في تعاقب 8 حكومات، و6 رؤساء حكومة خلال 12 عاماً . لا تقف بونينو بمسؤوليتها في الخارجية بعيداً عن المهمة الثقيلة لحكومتها، لسببين أولهما أنها كانت شاهد عيان على تطور الواقع السياسي في بلادها، فهي عضو مجلس شيوخ لأكثر من ثلاثة عقود، إضافة إلى أن منصبها الجديد يعول عليه الكثير في دعم خطوات إنقاذ بلادها، لأنها من أشد المؤيدين للوحدة الأوروبية، ومن أكثر المدافعين عن المصير المشترك للدول أعضاء منطقة اليورو .

أكسبتها عضويتها في البرلمان الأوروبي منذ عام 1979 مع إعادة انتخابها أعوام 1984 و1999 و،2004 ليس فقط خبرة سياسية يحتاجها منصبها، بل عرّفتها إلى كثير من قواعد اللعبة الخفية التي تتحكم غالباً في إدارة الأمور من خلف الكواليس، وأسفل الطاولات، وقدمتها إلى عالم المفاوضات الذي تبدأ قضاياه بالمستحيل، وتنتهي عند المواءمات والممكنات .

انتخبت بونينو 65 عاماً لسبع دورات متتالية في عضوية مجلس النواب، وترأست لسنوات عدة المجموعة البرلمانية للحزب الراديكالي الإيطالي، وهي عضو مجموعة الأزمات الدولية، وتحمل شهادة في اللغات الحديثة والآداب من جامعة بوكوني بمدينة ميلانو عام 1972 .

لم تتوقف خبرة بونينو عند حدود القارة العجوز، بل امتدت للسياسة العالمية عند تعيينها رئيساً لوفد الحكومة الإيطالية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام، وهي المبادرة التي استمر عملها بين أعوام 1994 و،1999 ولم يمنعها ارتباطها الدولي من انتخابها مفوضاً أوروبياً مسؤولاً عن السياسة الاستهلاكية ومصائد الأسماك، إضافة إلى رئاستها للمكتب الإنساني للمجموعة الأوروبية العام 1997 .

لفتت بونينو الانتباه إلى شخصيتها الحازمة والجريئة بعدما تقدمت باستقالتها من المفوضية الأوروبية للعلوم والأبحاث، احتجاجاً على اتهامات بالفساد والمحسوبية وجهت وقتها للمفوضة إديث كريسون وكانت أول سيدة تشغل منصب رئيس وزراء فرنسا بسبب تعيينها جراح الأسنان فيليب ترتيل مستشاراً على الرغم من عدم وجود عمل حقيقي له، واعتبرت بونينو هذه الاتهامات نيلاً من مصداقية وكفاءة واستقلالية الأعضاء، وعلى الرغم من أن تقرير لجنة سانتر التي كلفت بالتحقيق لم تتوصل إلى إدانات مباشرة، إلا أنها وضعت الجميع في مرمى النيران، واستبقت بونينو الجميع بحفظ سمعتها بالاستقالة .

كانت رئاستها للوفد الإيطالي في المؤتمر الحكومي لمجتمع الديمقراطيات 2002 في سيؤول بكوريا الجنوبية، أحد أهم المنابر التي لفتت خلالها الانتباه إلى أفكارها ورؤاها السياسية، خاصة وأنها من المناهضين لاستخدام الطاقة النووية حتى في المجالات المدنية السلمية، وكانت هي متعهدة الاستقصاء الذي أدى إلى إيقاف استخدام برنامج الطاقة النووية لأغراض سلمية الذي أجرته بلادها عام 1986 . المثير أن الوزيرة لم تتزوج، وقضت سنوات عمرها تتنقل بين المدن والعواصم الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعدد مهم من الحقوق المدنية والفردية وأهمها الطلاق، وكانت متعهدة عدة مبادرات تشريعية لإصدار قوانين تتعلق بعدم اعتقال مدمني المخدرات، وإلغاء عقوبة الإعدام، وهي من أكثر الناشطين بمجال القضاء على الجوع عالمياً .

أسست بونينو عام 1975 مركزاً للإعلام حول الإجهاض، وكانت المنسق العام للاستفتاء الذي أجراه مجلس النواب الإيطالي لإصدار تشريع خاص بضوابطه .

وإذا كانت الخارجية الإيطالية فازت بسيدة بمثل خبرتها، فإن البرلمان الأوروبي خسرها حيث كانت العضو الوحيد الحاصل على نسبة تاريخية من الأصوات في انتخابات ،1999 5 .8%، على حين أن النسبة المعتادة في مثل هذه الانتخابات تتراوح بين 2 إلى 3 % فقط، وفازت قائمتها بسبع مقاعد من اصل 78 تشغلها إيطاليا، واشتهرت منذ ذلك الوقت ب ليستا بونينو أو قائمة بونينو .

خلال مشوارها الطويل حصلت بونينو على عدد كبير من الأوسمة والتكريم، لعل أهمها جائزة الشمال والجنوب التي يمنحها البرلمان الأوروبي تقديراً لإنجازاتها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والحقوق المدنية، كما حازت جائزة open society لعام ،2004 وجائزة نساء أوروبا .

قراءة الصحف باللغة العربية

يعتبر عمل الوزيرة بونينو أستاذة زائرة بالجامعة الأمريكية في القاهرة إحدى أهم محطاتها العملية، إذ توجهت إلى القاهرة عام 2001 لتعلم اللغة العربية، مع اهتمام وشغف خاص بالثقافة والتاريخ العربيين، وقدمت عام 2003 قراءة يومية في الصحف العربية لإحدى محطات الراديو الإيطالية، ونظمت 2004 مؤتمراً إقليمياً حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المحكمة الجنائية الدولية، ومازالت عضو المؤسسة العربية للديمقراطية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"