«الداء النشواني».. طريق الأمراض الخطرة

02:49 صباحا
قراءة 5 دقائق
شعر بحالة من الأعياء والتعب والضعف، وتراجع وزنه بصورة ملحوظة، وأصيب بحالة من القلق؛ لأنه ظن أنه أصيب بمرض السرطان، لتشابه هذه الأعراض مع علامات مرض السرطان؛ ولكن بعد الفحص والكشف تبين أنه مصاب بـ«الداء النشواني».
وتظهر مشاكل «الداء النشواني» في صورة عدة أمراض تصيب الجسم، وتسبب عدداً من الأعراض المختلفة، حسب المنطقة، التي أصيبت بهذا الاضطراب، وينتج هذا المرض عن تراكم البروتين النشواني أو المسمى أميلويد في أنسجة وأعضاء الجسم، مسبباً مشاكل صحية خطرة وأمراضاً.
يتحول هذا البروتين إلى الصورة النشوانية في حالة حدوث تشوه وتغير في بناء هذا البروتين، وبالتالي يجعله غير قابل للذوبان، ويصنفه بعض العلماء على أنه من أمراض المناعة الذاتية، وأسبابه حتى الآن ما زالت غير معروفة.
يظهر هذا المرض في صورة تشكل أورام حبيبية، ويهاجم أي عضو داخل الجسم، ثم تظهر أعراضه بشكل تدريجي؛ ولكن بعض المصابين يمكن أن تظهر الأعراض لديهم بصورة مفاجئة، ويصيب الشباب بشكل كبير رغم إمكانية إصابة الفئات الأخرى، ويسبب حدوث الوفاة في بعض الحالات.
نتناول في هذا الموضوع العوامل والمسببات، التي تؤدي إلى ظهور هذا المرض، إضافة إلى تقديم طرق الوقاية المتاحة مع بيان أساليب العلاج الممكنة والحديثة، وأنواع الداء النشواني والأعراض.
أمراض متعددة
يتسبب ترسب البروتين النشواني في الأنسجة الحية والأعضاء في الإصابة بالداء النشواني؛ حيث يتحول البروتين إلى الهيئة النشوانية، ويكون غير قابل للذوبان، ويُسمى وقتها بألواح بيتا المطوية، وهذه التراكمات والترسبات للمادة البروتينية تؤدي إلى الإصابة بأمراض مختلفة وأعراض متباينة حسب المكان الذي أصابه الخلل.
يشمل «الداء النشواني» مجموعة من المشاكل والأمراض الناجمة عن هذه الترسبات غير الطبيعية من هذا البروتين «أميلويد» داخل أنسجة الجسم المختلفة، وبعض الحالات لا تكون هذه الترسبات ضارة، وتؤثر في نسيج واحد فقط من الجسم.
الجهازي والنوعي
يصنف «الداء النشواني» بأكثر من أسلوب منها حسب نوع البروتين المترسب في الأنسجة، ويسهل التفريق بين جميع الأنواع عن طريق الأعراض، ومن هذه الأنواع «الداء النشواني الجهازي»؛ وهذا النوع يظهر مع إصابة أعضاء الجسم.
يتمثل الداء النشواني الجهازي في نوع سلسلة أميلويد الخفيفة، وتنتج عن تكاثر غير طبيعي للخلايا البلازمية، ويؤدي إلى بعض الأمراض والأورام النقوية، والتنكس الغضروفي العظمي في عظمة الفخذ، ويسبب هذا النوع أيضاً وجود معدلات كبيرة من الجلوبيولين المناعي في الدم، وهذه المشكلة يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم، أو بعض أمراض المناعة الذاتية ومنها الذئبة الحمراء والكولاجين، واضطرابات في نخاع العظام والتهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب القولون التقرحي وغيرها من المشاكل الأخرى.
ويعد مرض كرون والتهاب القولون التقرحي ومرض السل والداء المعوي الالتهابي أيضاً من فرعيات الداء النشواني الجهازي، وكذلك اعتلالات العمود الفقري؛ مثل: التهاب الفقار اللاصق، وحمى البحر الأبيض المتوسط والحمى الوراثية المتكررة.
ويتفرع «الداء النشواني الجهازي» أيضاً إلى مشكلة الداء النشواني المرتبط بالديال، ويرجع ذلك إلى ترسب الألياف المشتقة من الجلوبيولين، ويتراكم هذا النوع لدى مرضى القصور الكلوي؛ نتيجة الغسيل الكلوي لفترات طويلة، ويهاجم هذا النوع من «الداء النشواني» المفاصل والعظام بشكل أكثر.
ويتفرع الداء النشواني المنتقل بالوراثة من الداء النشواني الجهازي، ويحدث هذا النوع بسبب الطفرات، ومنها الإصابة بأمراض واعتلالات في عضلة القلب وكذلك الاضطرابات العصبية.
يوجد أيضاً الداء النشواني الجهازي المرتبط بكبر السن والشيخوخة، ويصيب عضلة القلب وأماكن أخرى في الجسم، ومرضى النوع الشيخي يسبب أضراراً في جدار البطينين والحاجز الموجود بينهما؛ بسبب ترسبات البروتين النشواني بين ألياف عضلة البطين
ويحدث اعتلال العضلة القلبية لدى المسنين؛ نتيجة الإصابة بالداء النشواني، وقليلاً ما تحدث إصابة كلوية بسبب هذا النوع من الداء النشوي لكبار السن؛ ولكن ربما يتعرضون للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي.
يوجد النوع الثاني من هذا المرض، والذي يُسمى الداء النشواني النوعي للعضو، وفيه يمكن أن يحدث الترسب النشواني بشكل معزول، ويهاجم عضواً واحداً فقط؛ مثل: العين أو الجلد أو القلب، يظهر الداء النشواني الذي يصيب الجلد على هيئة بقع أو عقد.
الأمراض وغسيل الدم
يوجد عدد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالداء النشواني؛ وذلك حسب النوع الذي يهاجم الشخص، فالنوع الأولي من هذا المرض ينتج عن الإصابة بالورم النقوي المتعدد.
ويحدث النوع الثانوي بسبب الإصابة ببعض الأمراض الالتهابية؛ ومنها: مرض التدرن الرئوي والتهاب المفاصل، وأيضاً ينجم عن حدوث العدوى المزمنة، إضافة إلى أن غسيل الدم المستمر لفترات طويلة في حالة الفشل الكلوي يؤدي إلى هذه الحالة.
تضرر الكبد والقلب
تظهر الكثير من الأعراض نتيجة الإصابة بالداء النشواني؛ وذلك حسب نوع البروتين الذي تشتق منه المادة النشوانية، وكذلك المكان والأعضاء المصابة، وكمية البروتين التي تترسب وتسبب المشاكل.
يعد القلب والكبد والكليتان، الأماكن الأساسية لترسب الأميلويد في النوعين الأكثر شيوعاً من الداء النشواني الأولي والثانوي؛ لأن المادة النشوانية يمكن أن تكون عامة في الجسم كله أو متركزة في عضو واحد فقط.
يذكر أن الدول المتقدمة يكون النمط الأولي هو الشائع فيها أكثر من الداء النشواني الجهازي، بينما في البلاد النامية يعد النمط الثانوي الأكثر انتشاراً؛ نتيجة تفشي بعض الأمراض المزمنة المؤدية إلى الإصابة بهذا النوع.
تظهر بعض الأعراض على الجسم ومنها تضرر وإصابة الكلى، ويمكن التعامل مع هذه الأمراض والقليل منها فقط يعد قاتلاً، كما يحدث قصور في القلب في ناحية الانقباض والانبساط، ويصل الأمر إلى الإصابة بالإغماء، وتصاب بعض الحالات باحتشاء عضلة القلب أو الذبحة الصدرية؛ نتيجة تراكم الأميلويد داخل الشرايين.
تظهر بعض الأعراض الهضمية أيضاً، ومنها: تضخم الكبد والطحال، وحدوث نزيف هضمي بسبب ضعف جدران الأوعية وقلة استجابتها عند تعرضها للضرر، فمن المفروض أن تنقبض هذه الأوعية عند الضرر لتفادي نزف الدم؛ ولكن تضاف هذه الوظيفة بعد ترسل المادة النشوانية على جدران هذه الأوعية الهضمية.
تضعف أيضاً حركة الأمعاء والمعدة؛ بسبب ترسب الأميلويد بين الألياف العضلية الملساء في هذه المجاري الهضمية، ما يؤدي إلى ظهور الأعراض الهضمية؛ حيث يحدث سوء الامتصاص والإمساك والانسداد الكاذب.
تحدث بعض الاضطرابات العصبية؛ كاعتلال عصبي مختلط بيت الحسي والحركي، والاضطرابات العصبية تعد علامة مميزة في بعض أنواع الداء النشواني الوراثي، مثل الاعتلال العصبي العائلي النشواني، ومنها الشعور بالخدر والتنميل وتشوش الحس، وتظهر متلازمة النفق الرسغي.
تبدو بعض الأعراض نتيجة خلل الجهاز العصبي الذاتي، ومنها قصور وظائف الأمعاء والمثانة وهبوط الضغط الانتصابي، ويمكن أن يتسبب الأميلويد المترسب في الدماغ على القشرة العصبية بشكل واسع إلى الإصابة بمرض الخرف لدى مرضى الزهايمر.
وحدوث السكتة الدماغية الإقفارية من مظاهر الداء النشواني، وتتمثل عوامل الخطر في حدوث ارتفاع الضغط الشرياني، وأيضاً الرجفان الأذيني وارتفاع شحوم الدم، والإصابة بمرض السكري، وإصابة عضلة القلب.
تحدث بعض الأعراض في الجهاز العضلي الهيكلي، مثل: التضخم الكاذب في العضلات؛ نتيجة ترسب المادة النشوانية خارج الألياف العضلية، وتؤدي إلى ضمور هذه الألياف وبالتالي الإصابة بضعف العضلة، رغم ظهورها بشكل منتفخ ومتورم.
تعد ضخامة اللسان من أعراض هذا الداء، وفيه تصل حواف اللسان إلى الأسنان، كما يترسب البروتين النشواني على المفاصل والمناطق المحيطة، ويظهر في الكتف على شكل تورم من الجهة الأمامية؛ نتيجة وجود المادة النشوانية في مفصل الكتف.
وتعد إصابة الكتف من الأعراض الشائعة للداء النشواني من النوع البسيط، وكذلك النوع المرتبط بالديال، وفيه تتضرر مفاصل العمود الفقري أيضاً.
يحاول الأطباء منع تطور داء النشواني، فحتى الآن لا يوجد علاج لهذا المرض، وكل ما يفعله الطبيب هو وصف علاج؛ لقمع تفاقم حالة بروتين أميلويد وأدوية تساعد على تحفيف الأعراض؛ من خلال علاج المسبب الأساسي لهذه المشكلة، ويمكن زراعة الأعضاء التي أصيبت مثل: الكبد والكلى؛ للمساعدة في الشفاء من هذه المشكلة الخطرة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"