«الخشبة الإماراتية» أسيرة المهرجانات الموسمية

02:42 صباحا
قراءة 5 دقائق

استطلاع: نجاة الفارس

دعا مسرحيون إماراتيون إلى ضرورة تكاتف الجهود من أجل الارتقاء بالمسرح المحلي والوصول به إلى العالمية، عن طريق تكثيف الورش ، ودعم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، كما أكدوا ضرورة العمل على استقرار الفرق المحلية إدارياً ومادياً، وإيجاد مقرات دائمة لها كي تستمر في أنشطتها وفي إنتاج أعمال جيدة والانطلاق للمشاركة في مهرجانات خارجية.

وأوضحوا أن الجهات الراعية والداعمة للمسرح بحاجة إلى إعادة التفكير في تصحيح العلاقة بين المسرح والجمهور، وعلى المشتغلين بالمسرح من ممثلين وكتاب ومخرجين أن يخرجوا أولاً من الدائرة الضيقة للمهرجانات الموسمية إلى الشارع.

فضل التميمي، مدير مسرح زايد للمواهب والشباب، يقول: المسرح الإماراتي في تطور دائم بفضل دعم جمعية المسرحيين وجهودها في تطوير المسارح المحلية، وكذلك بفضل اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، فسموه يدعم المسرحيين دعماً غير محدود، وهذا يجعل مسارحنا تقدم أفضل ما لديها، من شغف في التعبير عن القضايا المحلية عبر خشبة المسرح وتشجيع الجيل الحالي للاندماج في الحركة المسرحية، واستقطاب الجمهور لحضور العروض في كل إمارة، ولكن نتمنى من وزارة الثقافة تقديم دعم أكثر للمسارح المحلية، وزيادة النشاط المسرحي في كل إمارة، فهناك بعض المسارح التي لا تجد من يدعمها، وهي تكابد خسائر مادية جمة، كما تواجه الفرق المسرحية عوائق التسويق، ونتمنى من الوزارة دعم أعمال الفرق المسرحية سنوياً خارج الدولة للاحتكاك بالتجارب العالمية.

هناك أعمال مسرحية جيدة للفرق الوطنية تعرض في المهرجانات المحلية، ولغياب الدعم لا تعرض مرة أخرى، ما يؤثر بالسلب في استمرار نشاط الفرقة، و لعشقي لمسرح الطفل كنت أتمنى أن أشاهد مدينة عالمية لمسرح الطفل في إمارة أبوظبي تنظم مهرجاناً سنوياً لعروض الأطفال، واقترح أن تتبني الدوائر المحلية والشركات الكبرى في كل إمارة دعم أعمال ونشاطات الفرق المسرحية والاستعانة بها في مختلف المناسبات ،وكذلك نتمنى تكثيف الورش المسرحية.

من المهم جداً استقرار الفرق المحلية إدارياً ومادياً وإيجاد مقر دائم لها كي تستمر في أنشطتها عبر إنتاج أعمال جيدة والانطلاق للمشاركة في مهرجانات خارجية، وأنا أتحدث عن إمارة أبوظبي بالتحديد، حيث توجد 4 فرق مسرحية ليس لديها مقرات دائمة.

إثبات الوجود

الفنان المسرحي مرعي الحليان، يقول: أي إبداع بشري لكي يتجاوز حدوده المحلية وينطلق إلى الأفق الإنساني الأعم والأشمل، لابد له من شروط أساسية تتمحور حول قوة وتأثير هذا الإبداع وأهميته، وهذه الأهمية تتعلق بمدى حاجة البشرية إليه، أي ضرورته، فلنا أن نسأل قبلاً، هل هذا الإبداع ضرورة ملحة؟، هنا فقط نستطيع أن نستشعر مدى أهمية ما نحن بصدده، وأي تجربة إبداعية تحقق انطلاقها إلى الفضاء الإنساني الأعم والأشمل، لابد لها أن تفعل ذلك في محيطها البيئي، ولهذا فيمكننا أن نقول مثلا: هل المسرح المحلي وما انتجه وينتجه له ضرورة وأهمية؟، هل الحركة المسرحية في الإمارات مهمة جداً في مكانها ومحيطها البيئي؟، هل هي حركة راسخة في المجتمع وخطابها ضروري للإنسان؟، إجابات هذه الأسئلة تستطيع أن تحدد لنا أهمية ما نصنعه هنا في مجال الإبداع المسرحي، ليس معنى العالمية هي أن نعبر بنتاجاتنا المسرحية إلى خارج الحدود، فهذه قضية سهلة جداً، فيكفي مثلاً أن تجد الفرق المسرحية الأهلية دعماً مادياً يمكنها من السفر إلى مهرجانات المسرح العالمية، لتأخذ مكانها بين تجارب العالم، بل الأهم من ذلك هو، هل خطاب المسرح المحلي أصبح عالمياً؟، أي هل خطاب المسرح المحلي يتسم بالشمولية، هل يتلبسه هاجس الإنسان الكوني؟، هل يحمل خطاباً فكرياً وفنياً عميقاً ليرتقي إلى المكانة العالمية؟ هنا المحك الأهم، وهنا السؤال المضني.

ما أشرت له لا يعني انتقاصاً من التجربة المسرحية المحلية وما راكمته من تجارب عبر أكثر من أربعة عقود من الزمن، ولكن يعني أن الأفق أمام هذه التجربة بدأ يضيق محلياً؟، فالمسرح ليس بضاعة مطلوبة لدى عامة الناس، وليست ضرورة ملحة، لا زالت الذائقة المسرحية تراوح بين مقاييس ثقافة الاستهلاك وخطابها السطحي، وبين أزمة التلقي المنحصرة في مهرجانات ذات أفق ضيق جداً، وهذه حقيقة مرة وصادمة، وللتحقق منها، يكفي أن نقيم دراسة جدوى للعروض المسرحية وقياس إقبال الجمهور عليها، فجمهور المهرجانات السنوية ليس مقياساً لمدى حاجة المجتمع لعروض المسرح المحلي، وهذا واقع تبدو صورته واضحة.

لكي نذهب إلى الإجابة المباشرة عن سؤال العالمية في المسرح المحلي، فإن الجهات الراعية والداعمة للمسرح لدينا بحاجة إلى التفكير في تصحيح العلاقة بين المسرح والجمهور، وعلى المشتغلين بالمسرح من ممثلين وكتاب ومخرجين أن يخرجوا أولاً من الدائرة الضيقة للمهرجانات الموسمية، إلى نور الشارع والحارة والمدينة، لا يوجد عرض مسرحي واحد في المدينة، فإذا ما جاء زائر أو سائح وقرر أن يقضي وقتاً ممتعاً في صالة من صالات العرض لن يجد ذلك متوفراً إذا لم يتوافق موعد رحلته السياحية مع انعقاد مهرجان من المهرجانات.

لجعل مسرحنا عالمياً، اقترح أن يرتبط بالدوائر والهيئات السياحية، وبرامجها فإذا تحقق وجود المسرح في بيئته وأصبح ضرورياً، سينطلق نحو العالمية، لأنه في تلك الحالة سيتحول إلى ظاهرة مجتمعية تُرى وتُنظر بالعين.

مسؤولية الجميع

الفنان المسرحي محمد حاجي، يقول: الوصول بالمسرح الإماراتي إلى العالمية له عدة جوانب، والمسؤولية تقع على الجميع سواء فنانون أو مخرجون أو كتاب أو فنيون وتقع كذلك على مسؤولي المسرح الإماراتي، فلا بد من التركيز على المشاركات الخارجية والمهرجانات العالمية لكي نعرف إلى أين وصلت التجارب العالمية ؟، كما ينبغي استقطاب أعمال مسرحية عالمية مختلفة، لكي يستفيد منها المسرح الإماراتي لما بها من تطور وتقنيات حديثة وأساليب ومدارس مختلفة، إن استضافة مهرجانات مسرحية عالمية في الإمارات سيكون له دور كبير في التعرف إليها، ولنتذكر دور مهرجان الفجيرة للمونودراما في تعريفنا إلى أعمال عالمية من آسيا وأوروبا وأمريكا وأفريقيا، وهناك أيضاً أهمية لتحفيز الجيل المسرحي الجديد للاشتغال على نصوص عالمية جديدة واستخدام التطور التقني في العرض مع تنظيم ورش يشرف عليها متخصصون من مدارس مختلفة في العالم.

الفنان المسرحي والمخرج صالح كرامة، يقول: المسرح حتماً سيصل للعالم إذا كان العالم موجوداً في جوف المسرح، والخشبة هي الرهان، يجب أن يحرص المسرحيون على تطوير فنهم لكي يناقش القضايا الراهنة، و لا يبتعدون عن رسالته وهي القيام بدور ثقافي وليس دوراً إرشادياً تعليمياً، ولكي نرقى بهذا الفن الجميل علينا أن نكرس له وقتنا وجهدنا من خلال توفير نصوص جيدة، وأن يصبح المسرح حياة يومية للمشتغلين فيه، لا مجرد جزء من الكماليات، حينها سيكون المسرح خلاقاً بمن فيه، ويستحق العالمية.

تكاتف الجهود

يقول الفنان عبد الله صالح: الوصول بالمسرح الإماراتي إلى العالم يحتاج إلى نفس طويل وإلى تضافر جهود عدة بداية من المسؤولين عن المسرح في الإمارات وانتهاءً بالفرق نفسها، هناك عدة فرق تضم كتاباً ومخرجين وممثلين على مستوى عال من الحرفية، ولكن ينقصهم الدعم المادي من جهة واهتمام الدوائر المحلية والإعلامية والثقافية، وبرغم وجود دعوات كثيرة من مهرجانات خارجية لكني لا أعلم السبب وراء عدم مشاركة فرقنا في تلك المهرجانات.

دور وزارة الثقافة وتنمية المعرفة مركزي في دعم الفرق المسرحية مادياً، ورغم ضعف هذا الدعم إلا أنها تسعى دائماً إلى تذليل الصعاب أمام هذه الفرق، وساهمت إلى حد ما في ابتعاث العديد منها للمشاركة في مهرجانات خارج الدولة، ولكن لا يزال الطموح في تعريف الشعوب الأخرى إلى المسرح الإماراتي قائماً، وهناك ضرورة لتكاتف كل الجهود لدعم الفرق من خلال بنية تحتية مميزة، وتوفير وتذليل كل الإمكانات ليتمكن المسرح الإماراتي من الوصول إلى أبعد مدى ويحقق كل أحلامنا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"