«الكشف المبكر» يعزز فرص الشفاء

22:40 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
يجهل الكثير من الأشخاص أهمية الفحوصات الدورية التي تقوم بعملية الكشف المبكر عن الأمراض، على الرغم من معاناتهم من علامات وآلام يتزامن وجودها مع الإصابات المختلفة، وينتظرون حتى تتفاقم هذه المشكلات في الجسم، وخاصة مع التقدم الطبي في هذا المجال من حيث الفحوصات المختبرية الحديثة، أنواع الأشعة المتعددة التي تساعد في كشف الأمراض قبل حدوث أي مضاعفات، وتعد أهم الآفات المزمنة التي يتم أكتشافها عبر هذه الفحوصات هي خلايا الأورام السرطانية، والعدوي الناتجة عن الفيروسات المختلفة، وفى هذا التحقيق نسلط الضوء على هذا الموضوع، وخاصة فيروس الورم الحليمي البشري الذي يتسبب في وفاة حوالى235000 شخص سنوياً.

يقول الدكتور هاني عفيفي استشاري الأشعة: إن الكشف المبكر لوجود أي أصابة أو أورام في الجسم، من أهم العوامل التي تساهم في خطة العلاج وتحقيق نسبة عالية من الشفاء، وهنا يأتي دور الأشعة بكافة أنواعها، وعلى سبيل المثال نجد العديد من النساء اللواتي يتعرضن للإصابة بمرض سرطان الثدي ولا يشعرن بوجوده ولكن تكشفه الفحوصات والأشعة، ولذلك يجب على السيدات ما فوق الأربعين، أن يقوموا بعمل أشعة الماموجرام كل سنتين، وهو أشعة بجرعات بسيطة تستخدم في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، ولكن في بعض الحالات يعانى طبيب الأشعة من وجود كثافة عالية من عدد الغدد اللبنية، تحجب رؤية الخلايا غير الطبيعية الموجودة بالثدي، ولذلك يجب أن يتم عمل أشعة الموجات فوق الصوتية، ولكن كلما تتقدم السيدة في العمر، يقل هرمون الأستروجين والبروجسترون، فيتحول نسيج الصدر لديها إلى نوع من أنواع الخلايا الدهنية، ما يسمح لطبيب الأشعة برؤية الخلايا بوضوح، ثم ننتقل لجزء آخر وهو تحديد ما إذا كانت هذه الكتلة حميدة أم خبيثة، فيقوم الطبيب بأخذ عينة من هذه الخلايا الغير طبيعية، ويتم فحصها تحت الميكروسكوب وتحديد نوعيتها.
أنواع متعددة
يستكمل: مع التقدم الهائل في تقنيات الطب الحديث أصبح هناك أنواع متعددة من الأشعة التشخيصية التي تساعدنا في الكشف عن العديد من الأمراض وخاصة الأورام الخبيثة، ومنها موجات فوق الصوتية ، الأشعة المقطعية، الرنين، الأشعة التداخلية، حيث أن جميع هذه الأنواع تساهم في كشف مشكلات بأماكن لا يستطيع الطبيب الجراح الوصول إليها، أو ربما يحدث عنها نزيف ميت في حالة التدخل الجراحي مثل أورام الدماغ.
الورم الحليمي
تشير الدكتورة: منى تهلك، استشارية أمراض النساء والتوليد، أن فيروس الورم الحليمي البشري التناسلي، يعتبر مجموعة من الفيروسات التي ربما تسبب سرطان الجزء السفلي من الرحم الذي يرتبط بالمهبل (عنق الرحم)، كما تم ربط أنواع أخرى من السرطان، بما في ذلك سرطانات الشرج، المهبل، والجزء الخلفي من الحلق (البلعوم)، بفيروس الورم الحليمي البشري، كما تسبب بعض أنماط الفيروس الثآليل التناسلية لدى الرجال والنساء، ويمكن لعدوى فيروس الورم الحليمي التناسلي الانتقال عبر العلاقة الزوجية، لذا فإنه ربما يصيب الأشخاص الذين يقيمون علاقة متعددة في مرحلة ما من حياتهم، وهنا يلعب جهاز المناعة دوراً محورياً في القضاء على فيروس الورم الحليمي البشري قبل أن يتطور، وتظهر الثآليل التناسلية في المرأة غالبًا في الفرج ولكن يمكن أن تظهر أيضًا قرب فتحه الشرج، أو على عنق الرحم أو في المهبل.
طرق تشخيصية
تبين د.منى ظهور الثآليل في منطقة الأعضاء التناسلية يشكل أحد الأعراض التي يمكن أن تدل على الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، حيث يقوم الطبيب المعالج بإجراء فحص بسيط، حيث أن نوع الفيروس الذي يسبب ظهور الثآليل يختلف عن النوع الذي يؤدي إلى تكّون وتطور الخلايا السرطانية، كما أن النساء اللواتي تصبن بالفيروس المسبب لتكوّن خلايا سرطانية لا تظهر لديهن أية أعراض مثيرة للشك والاشتباه، بل ربما تكون نتائج فحص مسح عنق الرحم الأول الذي يجرى لهن سليماً تماما، ويعد فحص مسح عنق الرحم هذا، فحص يستطيع الطبيب المعالج بواسطته الكشف عن وجود أية أعراض لسرطان عنق الرحم أو الكشف عن حدوث تغيرات قبل سرطانية في الأنسجة، وتتمثل مضاعفات فيروس الورم الحليمي في الإصابة بسرطان عنق الرحم، وربما تساهم أيضاً في الإصابة بسرطانات الأعضاء التناسلية، والشرج، والفم والجهاز التنفسي العلوي.
طرق علاجية
تؤكد د.منى على أنه بالرغم من عدم توفر دواء لمعالجة فيروس الورم الحليمي البشري، حتى الآن، إلا أن الجانب الإيجابي يتمثل في حقيقة أن الالتهاب يزول من تلقاء نفسه، بدون أي حاجة إلى أي علاج، ولكن هناك بعض الإصابات التي لا يقدر الجسم على إزالتها لذا فقد تطور إلى السرطان، والجدير بالذكر أن لقاح فيروس الورم الحليمي يقي من أخطر أربع أنواع من الفيروس، والمسئولة أيضاً عن أغلب حالات الإصابة بالسرطان، حيث يقي لقاح فيروس الورم الحليمي من 70% من حالات السرطان المتسبب بها هذا الفيروس، ويجدر الإشارة إلى انه لا يوجد علاج للفيروس بحد ذاته، لكن معظم الأمراض التي يسببها هذا الفيروس في منطقة الأعضاء التناسلية تختفي بمساعدة جهاز المناعة في الجسم، وعادة ما يكون ذلك خلال سنتين، وبالرغم من عدم إمكانية علاج فيروس الورم الحليمي إلا أن التغيرات التي تحدث في الخلية بفعل الفيروس يمكن علاجها.
سرطان عنق الرحم
يذكر الدكتور سعد الأسود، استشاري طب أورام النساء، أن سرطان عنق الرحم هو الذي يصيب عنق الرحم وبحسب دائرة الصحة في أبوظبي، فإن هذا المرض يتطور عندما تبدأ خلايا عنق الرحم في النمو، وتخرج عن السيطرة، حيث يمكنها بعد ذلك أن تتطور وتغزو الأنسجة المجاورة أو الانتشار في جميع أنحاء الجسم، وعادة ما يتطور سرطان عنق الرحم عند النساء عند 47 سنة، والجدير بالذكر أن حوالي 47 ٪ من النساء المصابات بسرطان عنق الرحم تكون أعمارهن أقل من 35 سنة من العمر عند التشخيص، وتكون أعراض الإصابة بسرطان عنق الرحم عديدة ومختلفة ولا تكون واضحة ولكن تصاحبها علامات شائعة تسبب في ألم في الحوض و نزيف من المهبل، أو تغيير لا يمكن تفسيره في الدورة الشهرية بالإضافة إلى إفرازات مهبلية، ويتم تشخيص المرض عند القيام بفحص الحوض وفحص مسحة عنق الرحم، وذلك بهدف أخذ عينة صغيرة من خلايا سطح عنق الرحم ليتم تحليلها والكشف عن تغييرات غير عادية في تكوين الخلايا.
أسباب ومضاعفات
يؤكد د.سعد على أن السبب الأبرز لسرطان عنق الرحم هو الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، هذا وبالإضافة إلى أن المرأة ربما تكون عرضة للإصابة بأورام عنق الرحم بسبب بعض عوامل الخطورة التي ربما تشمل التدخين أو تعدد العلاقات الغير مشروعة، واستخدام وسائل منع الحمل الهرمونية، كما يمكن أن تحدث مضاعفات سرطان عنق الرحم كأثر جانبي للعلاج أو كنتيجة لتقدم السرطان في الجسم، حيث أنه ينتشر إلى الهياكل والأعضاء المحيطة، كما تشمل بعض المضاعفات على وجود ألم في الظهر أو ألم العظام أو الكسور، تسرب البول، أو البراز من المهبل، الم الساق أو فقدان الشهية.
وسائل حديثة
يشير د.سعد إلى أن العلاج المقدم للمرضى يعتمد على مدى تقدم مرحلة السرطان أو حجم الورم والعمر، حيث أن علاج سرطان عنق الرحم يمكن علاجه من خلال إزالة الأنسجة السرطانية من خلال الجراحة أو إزالة الرحم، وهناك بعض الطرق المتعددة للوقاية من هذا المرض، ولكن يجب على الطبيب النسائي أن ينبه المرأة لضرورة عمل اختبار مسحة عنق الرحم بانتظام وذلك للكشف المبكر عن أي تغير على عنق الرحم، هذا وبالإضافة إلى الإقلاع عن التدخين، وهو لأمر الذي يزيد من الإصابة بالمرض وأخذ لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، حيث أن الشفاء من المرض يكمن في الكشف المبكر للخلايا المتغيرة وهو الأمر الذي يرفع نسبة الشفاء.

5٫15 مليون حالة
يتوقّع الخبراء ارتفاع نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة بالأورام السرطانية إلى 5،15 مليون حالة، بنسبة 45% مع حلول عام 2030، حيث تعود أسباب تفشي هذا المرض إلى عوامل التلوث البيئي الذي يحيط بنا، أو التعرّض لأنواع الإشعاع المؤذية، ويعتبر التدخين عاملاً أساسياً في الإصابة بمعظم أنواع السرطانات الخبيثة، مثل أورام الفم والمريء، وسرطان الرئة، والبلعوم، والمعدة، والقولون، كما أنه لا يقتصر على إصابة المدخن فقط، ولكنه يستهدف أيضاً من يجلسون معه أو يشاركونه مكان الإقامة، وهو ما يسمى (التدخين السلبي)، ويعتبر سرطان الرئة من أهم أسباب الوفاة في العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"