سباق على دخول المستقبل

12:14 مساء
قراءة 22 دقيقة

في السابق كان الإقبال على الدراسات العليا بسيطاً، ولكن في الأعوام الأخيرة ازداد السباق بين الخريجين لنيل الشهادات العليا لأجل مستقبل أفضل . وطرق قطاع عريض من الخريجين باب الدراسات العليا فور انتهائهم من مرحلة البكالوريوس، ولينهلوا من العلم، حالمين بالماجستير والدكتوراه، ولكن تختلف الأسباب الفعلية وراء الإقبال على الدراسات العليا من فرد إلى آخر، وهناك من أصر على إكمال دراسته العليا بتخصصات جديدة مختلفة عن التخصص الأصلي، والبعض لم يتمكن من تخطي العقبات بسبب المشكلات التي واجهها فتوقف في نصف الطريق، واكتفى بشهادة البكالوريوس، إلا أن العلاقة الودية التي تربط الأستاذ وطالب الدراسات العليا بمثابة الحافز والطريق إلى الإصرار على الحصول على الشهادات العليا .

القوانين تعزز التحصيل العلمي

عن التشريعات التي تدعم حصول الموظفين على شهادات عليا، والامتيازات التي يحصلون عليها في ضوء ذلك، وكيفية تعامل قانون الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية مع حملة الشهادات العليا، يقول د . عبدالرحمن العور مدير عام الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية: لا يخفى على أحد أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة وبإدراكها لقيمة التنمية الإنسانية تدعم وتعزز توجه المواطنين للحصول على شهادات علمية عليا وحصد المزيد من التحصيل العلمي، لا سيما العاملين منهم في الحكومة الاتحادية، حيث يتجلى هذا الاهتمام على سبيل المثال من خلال القوانين والتشريعات المتعلقة بالموارد البشرية في الحكومية الاتحادية، لا سيما قرار مجلس الوزراء رقم (13) لسنة 2012 في شأن اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2008 بشأن الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية وتعديلات القانون .

ويشير العور إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية نظمت عملية رعاية الوزارات والجهات الاتحادية الموظفين المواطنين العاملين لديها وذلك بمنحهم إجازات دراسية مدفوعة الراتب سواء بنظام التفرغ الكامل أو الجزئي، شاملة جميع التكاليف والرسوم لإكمال دراستهم الجامعية والعليا . وتضمنت المواد (،82 83) من اللائحة أحكام وضوابط منح الإجازة الدراسية، مع وجود التزامات على الطالب الموفد في إجازة دراسية نصت عليها المادة (84)، إضافة إلى أن قانون البعثات والمساعدات الدراسية نص حدد النفقات والمخصصات المالية التي تصرف للطالب المبتعث أثناء الإجازة الدراسية، دون المساس براتبه الإجمالي الذي يتقاضاه من جهة عمله، وكل ما تقدم يصب في سياسة دعم التوجه نحو التحصيل العلمي .

أما بخصوص الامتيازات المادية، فيقول: القانون ولائحته التنفيذية أعطت المواطنين العاملين في الحكومة الاتحادية الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه الحق في طلب علاوة شهرية عن تلك الدرجة العلمية وفقاً للشروط الموضحة بهما، حيث نصت اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية على أن الموظف المواطن يستحق علاوة شهرية لدرجة الماجستير وما يعادلها، وفقاً للآتي (1000 درهم لدرجة الماجستير، و2000 درهم لدرجة الدكتوراه) . شرط أن تتفق الدرجة العلمية مع طبيعة عمل الموظف .

ويضيف: من المبادئ الأساسية للموارد البشرية في الحكومة الاتحادية أن تحدد الدرجة الوظيفية بناءً على معايير واضحة مرتبطة بالمسؤوليات والمهام والخبرات والكفاءة واستيفاء الشروط المحددة لشغل الوظيفة، وعلاقات الموظفين بجهة عملهم محكومة بقانون الموارد البشرية ولائحته التنفيذية والسياسات ذات العلاقة بالموارد البشرية بخاصة نظام إدارة الأداء حيث إنه على حسب نتيجة تقييم الأداء فإن الجهة الاتحادية تقدر وتكافئ الموظفين المتميزين الذين يتمتعون بمستوى أداء عال، ويكون هذا التقدير على شكل علاوات دورية أو ترقيات أو مكافأة مادية أوعينية .

* * *

اختلفت دوافع الحصول عليها

الشهادة العليا تحقيق للطموحات أم نافذة للترقيات؟

الحصول على الشهادات العليا غاية كل طالب علم، وهاجس يظل يراوده بعد انتهائه من مرحلة البكالوريوس، وتأخذه الحياة بعيداً عن الجامعة منشغلاً بالعمل الوظيفي وتكوين الأسرة، ولكن هاجس العلم يفرض نفسه ويدفعه لإكمال الدراسات العليا والحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه، ولكن في المقابل هناك فئات عديدة آخر همها العلم، بل غايتها المكانة الاجتماعية والحصول على الترقيات واللقب الأكاديمي، والمحصلة النهائية حصولنا على كوادر علمية جيدة، ذات كفاءة عالية تخدم قطاعات مختلفة بغض النظر عن الغاية من وراء الشهادة، . في هذا التحقيق نتعرف إلى الأسباب الفعلية وراء الإقبال على الدراسات العليا، وأثر الشهادة في شخصية صاحبه وحياته وعمله؟

حماد عبدالله مدير إدارة المجلس الوطني للسياحة يقول: درست ماجستير ادارة الاعمال التنفيذي، وساعدني كثيرا في مجال المهني، واختياري لهذا المجال لأنه يرتبط بمجال عملي كثيرا، وبحث التخرج الذي قدمته كان منصبا على حل مشكلات في عملي السابق، وتمكنت من طرح الحلول والمبادرات وتطبيقها، إضافة إلى ذلك على الصعيد الشخصي الماجستير فتح لي آفاقاً جديدة، والتعمق في دراسة الجزئيات، والكفاءات العلمية في جامعة الشارقة قدمت لنا خبراتها الطويلة بطريقة علمية بسيطة مكنتنا من تطبيقها في مجال عملنا . لافتا إلى أن الشهادة العلمية ترفع من قدر الانسان، فالعلم الذي حصله من دراسته وجد مقابله التقدير من الآخرين .

أنس يوسف باحث في جامعة الامارات حصل على شهادة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر، والماجستير أيضا في علوم الكمبيوتر في بريطانيا، ولم يكتف بذلك فحرص على البدء بدراسة الدكتوراه في مجال الكمبيوتر من جامعة الامارات، ويقول: اهتمامي بالأبحاث كبير، لذا أقدمت على دراسة الماجستير والدكتوراه، فبعد الحصول على شهادة الدكتوراه الفرص ستكون أكبر أمامي لإجراء البحوث، والحصول على المنح البحثية . مؤكدا ان الشهادات العليا تدفع الطالب بالاختلاط مع الفئة الاكاديمية في المجتمع، بالتالي سيؤثر ذلك في شخصيته ويكتسب مهارات عديدة وخبرات جديدة وسلوكيات، وتوسعاً من مداركه، فالجو الاكاديمي يؤثر في صاحبه، إضافة إلى الدراسات الاكاديمية وإجراء الأبحاث والتجارب العلمية التي تصقل من مهاراته العملية .

صلاح خليفة موظف في شرطة دبي يدرس التسويق من أجل الحصول على شهادة الماجستير، وعن سبب ذلك، يقول: العلم والمعرفة هو ما دفعني لإكمال دراستي، وليس من أجل الترقية والمكانة الاجتماعية، وأفخر بشهادتي كثيراً، وأحرص على تطبيق ما تعلمته في مجال عملي .

ويشير سالم النقبي موظف في وزارة الداخلية إلى أن المكانة الاجتماعية لحملة الشهادات العليا دفعته لإكمال تعليمه . ويقول: حصلت على ماجستير في الادارة، ووجدت ان المكانة الاجتماعية تغيرت، ووجدت الاحترام من الجميع، إضافة إلى حصولي على ترقية، وكل ذلك أعتبره دافعاً لي لإكمال الدكتوراه .

هدفها الرئيسي الحصول على منصب عال، حصة محمد طالبة جامعية تقول: أنهيت مرحلة البكالوريوس في عام ،2009 ولم أحصل على وظيفة تناسب شهادتي العلمية، فقررت إكمال تعليمي لأكون مؤهلة لشغل منصب وظيفي عالٍ، وبالفعل أكملت دراستي وحصلت على شهادة الماجستير، وبدأت حاليا في دراسة الدكتوراه، وأدرك أني سأجد الوظيفة التي تلائم شهادتي العلمية بعد الحصول على الدكتوراه .

أحمد مصطفى جامعة الإمارات يقول: حصلت على الماجستير في جامعة الشارقة في الحاسب الآلي، وحالياً أكمل الدكتوراه في جامعة الإمارات في نفس المجال، وما دفعني لإكمال تعليمي حبي وولعي الشديد بالعلم، والمساهمة في بناء الوطن، وأكملت دراستي مباشرة بعد التخرج من البكالوريوس، ولا أعمل في الفترة الحالية بل متفرغ للدراسة، وأرى أن خريج الماجستير والدكتوراه يجد صعوبة في الحصول على عمل، إلا إذا تدخلت الحكومة، لأن بعض الادارات يتولى مهامها من لا يحمل الشهادات العليا، فبالتالي تعيين حملة الشهادات العليا سيؤثر فيهم .

هدى عبدالحميد موظفة في شركة خاصة تحضر حالياً للدكتوراه في مجال اللغة العربية، وحصلت على شهادة الماجستير في 4 سنوات كونها كانت حريصة على التخرج بامتياز .

وتقول: العلم والمعرفة هما ما دفعاني لإكمال دراستي، فحبي للغة العربية كبير ويجعلني أسعى لاكتساب المعرفة في هذا المجال، ووجدت أن اللغة العربية ليست مقتصرة على النحو والصرف فقط، بل هناك مناهج علمية وعلوم كثيرة، واتمنى أن اكون واحدة من الباحثات في هذه المناهج، وشعرت أن شهادة البكالوريوس غير كافية، ولا ترضي رغباتي العلمية، وأردت أن أنهل من العلم أكثر وأصررت على إكمال تعليمي، وأصبح هاجساً ورغبة حقيقة في داخلي .

وتشير إلى أنّ طالب الماجستير مشروع بحث خاص، إذا ما أكمل دراساته وألحقها بالدكتوراه، وأنه ليس مجرد طالب باحث عن النجاح والدرجات، لأنه انتقل من مرحلة الأخذ إلى العطاء منذ بلغ مرحلة الكتابة والبحث العلمي واختيار القضايا وتحليلها والانتصار لها أو عليها، وهو أمر توّج بمناقشة موضوعه والبحث فيه من طرف أساتذة ومختصين .

وتقول: على الجامعات والجهات المعنية النظر في شروط قبولها للأساتذة، والعاملين بها، وأنّ اشتراط إنهاء الدكتوراه حتى الالتحاق بها أمر مجحف في حق البحث العلمي قبل الباحث، وأن انتماء طالب الدكتوراه ومن ثمة خريج الماجستير للجامعة خلال إنجاز أطروحة الدكتوراه فرصة لتطوير مجال البحث العلمي وربطه بالواقع، وحافز للطالب، وإنماء لعلاقة الجامعة بالمجتمع وفئة من الفئات المهمة فيها، ألا وهي الباحث، وكذلك فسحة لتقييم علاقتها الحقيقية بالبحث العلمي الذي توفر له كبرى الدول أكبر الميزانيات وتعطيه أدق الأدوار لكونه رمزا من رموز تقدمها، وعلامة دالة على مدى تماشيها مع تغيرات الحياة ونمائها .

جاسم عبدالله خريج جامعة الشارقة يقول: انتهيت من الماجستير بامتياز، وقدمت أفضل رسالة على مستوى الجامعة، وحاليا في مرحلة الدكتوراه، وما دفعني لإكمال تعليمي حبي للعلم، ورغبتي في تطوير ذاتي، وكل ذلك انعكس على الجانب الوظيفي، وانعكس على حياتي الاجتماعية، ووجدت احترام المجتمع للعلم ولحملة الشهادات العليا، وهذا دافع وحافز لإكمال دراستي والحصول على الدكتوراه .

د . محمد أحمد عبدالرحمن مدير كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية يقول: الاقبال على الدراسات العليا له أكثر من توجه، فبعض الطلبة لديهم الملكة العلمية البحثية، وأبدعوا في مرحلة الماجستير، لأنهم يمتلكون قدرات بحثية ممتازة، ونرى مؤخراً ظهور مجموعات لا يجدون العمل الوظيفي، ويسعون للحصول على الشهادات العليا من أجل الحصول على وظائف أعلى درجة، وهناك من دخل الميدان العملي ووجد أن حملة الشهادات العليا يتقلدون مناصب أعلى، وبالتالي يسعى إلى الحصول على مؤهل، وفئة قليلة تسعى للحصول على الشهادات العليا من أجل المكانة الاجتماعية واللقب الاجتماعي، وكل طالب له توجهه الخاص ونظرته، ويبدع من لديه الملكات العلمية ويستطيع أن ينتج، ولديه الامكانات العلمية، ونجد هؤلاء أن إنتاجهم العلمي يكون غزيراً، في حين أن بعض الأبحاث تكون بمستوى أقل من المطلوب، ولا تحمل بصمة الباحث . و عن أثر الشهادة على صاحبه، يقول: اذا لم يشعر صاحبه بأنه في مرتبة علمية عالية فلن يشعر بقيمة الشهادة، لأن الشهادات العليا ترتقي بطالب العلم، ويتعرف إلى تجارب الآخرين، ويستفيد من خبرات المشرفين من خلال تواصله المستمر معهم . مؤكدا أن الدرجة العلمية أفضل من أي درجة مالية أو إدارية، لافتاً إلى أن الكلية ناقشت 118 رسالة علمية في اللغة العربية والدراسات الإسلامية . وحاليا تدرس 129 طالبة في الدراسات العليا .

د . فادي أحمد العلول أستاذ مشارك في قسم هندسة كمبيوتر في أمريكية الشارقة أشار إلى أن هناك أسباباً عديدة لاقبال الطلبة على إكمال دراستهم العليا، أبرزها رغبة الطلبة في التميز، فالتنافس في سوق العمل شديد، والطالب يسعى جاهدا للتميز بالشهادات والخبرة، سواء شهادة الماجستير أو الدورات التدريبية المستمرة، وبالتالي يحصل على معلومات وخبرات إضافية من تلك الشهادات، ويتخصص بشكل أكبر في الجزئيات التي يرغب في الاطلاع عليها بشكل معمق . ويقول: يحرص البعض على إكمال الدراسات العليا بعد التخرج من البكالوريوس مباشرة، وذلك قد يكون عند البعض بسبب عدم حصولهم على وظيفة فيحرصون على استغلال أوقاتهم في الحصول على شهادات عليا، ولا يقضون أوقاتهم من دون تحقيق فائدة .

ويلفت إلى أن لقب مهندس ودكتور ومحام لها مكانة لدى المجتمع، فيبحث البعض عن البرستيج والمكانة الاجتماعية من خلال شهادات الدكتوراه، ولكن من لا يبذل مجهودا في الدراسات العليا سيفشل . ويضيف: الشهادات العليا تمنح الطالب الثقة بالنفس أكاديمياً واجتماعياً، لأنه يطلع على تجارب عديدة وخبرات إضافية، والامتيازات المادية التي يحصل عليها تكون أعلى من حملة شهادات البكالوريوس .

د . خيرت عياد أستاذ مشارك ورئيس قسم العلاقات العامة في كلية الاتصال في جامعة الشارقة يقول: مع التطور البحثي لم يعد الطالب يكتفي بشهادة البكالوريوس، واتجه إلى دراسة الدكتوراه والماجستير، برغبة في التخصص في المجالات العلمية، والتخصص الدقيق، وبالتالي زاد عدد الطلبة المقبلين على الدكتوراه والماجستير، وتعددت المجالات التي قد يحصل عليها الباحث في الدكتوراه، وأصبح يجذب كثيراً من الطلبة حتى يجدوا فرصاً وظيفية أفضل، فاحتياج سوق العمل في جميع المجالات بحاجة إلى تخصصات دقيقة، وأصبح هناك حاجة إلى التخصص في ظل التعقد والتشابك، وفي ظل المنافسة الشديدة في البحث عن الخريج المتميز هناك اتجاه من الشباب للدراسات العليا للحصول على فرص وظيفية أفضل، إضافة إلى أن تعدد الكليات والجامعات في الدولة التي تطرح الدراسات العليا جعل الأمر أكثر سهولة، وهناك تشجيع من الدولة على ذلك كونها تسعى إلى تطوير القوة البشرية . ويشير إلى أن الرغبة الفعلية وراء الحصول على الشهادات العليا تختلف من فرد لآخر، فهناك من يكون همه الرئيسي المكانة الاجتماعية واشباع شيء في داخله، وقد يكون لها أبعاد شخصية ونفسية، وقد يكون لها علاقة بالحصول على الترقية . ويضيف: الدراسات العليا لها تأثير إيجابي، لأن الطالب لا يدفع لها دفعاً، بل يختارها بعناية وتفكير، ويكتسب الخبرات من المادة العلمية ورسالة البحث والاحتكاك المباشر مع المشرف وزملائه .

* * *

يضطر إليها أحياناً حملة الماجستير والمتميزون علمياً

التخصصات المكملة بناء للفرد والمجتمع

سوق العمل فرض على حملة البكالوريوس تغيير تخصصهم خلال إكمال تعليمهم في الدراسات العليا، ولكن هذا لم يجعلهم يتنكرون لشهادتهم الأولية، بل يفتخرون بالشهادتين، ويرون أن الماجستير مكمل لمرحلة البكالوريوس وللخبرة العملية .

في هذا التحقيق نتعرف إلى الأسباب التي دفعت الشباب إلى تغيير مسارهم العلمي، ونظام دراسة الماجستير، ومدى الاستفادة من الرسائل العلمية وربطها بالخطط التنموية في الدولة .

درس شهاب الحمادي مدير إدارة المالية والموارد البشرية في مؤسسة الشارقة للإعلام البكالوريوس في تخصص التجارة الإلكترونية، وغير توجهه في الماجستير، حيث اتجه إلى دراسة إدارة الأعمال التنفيذية، ويقول: اخترت تخصصاً يخدم مجال عملي، وهو ادارة الاعمال التنفيذية، فرغبتي الحقيقية تكمن في تطوير خبراتي ومعلوماتي وليس لمجرد الشهادة واختيار تخصص ما، وبدأت رحلة الدراسات العليا منذ شهرين، وطبيعة الدراسة تقتضي منا دوام أسبوع، وأسبوع إجازة، وغير مطلوب منا رسالة ماجستير، بل دراسة 8 مواد أساسية و3 مواد اختيارية، مع إعداد بحوث .

ويشير إلى أن الخبرة العملية كانت مطلوبة في مجال الماجستير، وكونه لا يحمل شهادة بكالوريوس في نفس التخصص يتطلب منه دراسة مواد استدراكية قبل الماجستير ليتمكن من البدء، ولكونه يمتلك الخبرة العملية وتوافقت بعض المواد الاستدراكية مع المواد التي درسها في مرحلة البكالوريوس تجاوز ذلك وبدأ بدراسة الماجستير مباشرة .

لينا المنصوري جامعة الامارات درست ادارة زراعية، وأكملت الدراسات العليا في مجال الهندسة الادارية، وترى أنه يوجد ترابط بسيط بين التخصصين، وتقول: ميولي منذ البداية كانت في مجال الهندسة، ولكن شاءت الأقدار أن أكون زراعية، إذ خلال تقديم طلب الالتحاق بالجامعة وضعت الخيار الاول هندسة والثاني كلية الزراعة، وتم قبولي في كلية الزراعة، ولأن منطقتي زراعية لكوني من الغربية، أحببت أن اظل في كلية الزراعة واخدم مجال مهم في الامارات، إضافة إلى أن الاقبال على تلك الكلية قليلة، ولكن في مجال الماجستير أحببت أن الجأ للهندسة الادارية لتطوير مهاراتي الادارية واكتساب خبرات جديدة .

علي راشد موظف في وزارة الداخلية تخرج في جامعة الامارات في كلية الشريعة والقانون حاملا شهادة البكالوريوس، ويدرس حاليا للحصول على شهادة الماجستير في الموارد البشرية، فغير مسار دراسته، وعن ذلك يقول: سوق العمل يتطلب جانب الموارد البشرية، وهذا ما جعلني اغير اتجاهي والتحق بكلية الموارد البشرية للحصول على شهادة الماجستير، وانتظرت 4 سنوات بعد الحصول على شهادة بكالوريوس، ومن ثم قررت إكمالي تعليمي، ووجدت ان البرنامج مناسب نوعا ما، لأن الدراسة مقتصرة على يومي الخميس والجمعة فقط .

غيّر محمود البناي طالب في جامعة الشارقة مسار دراسته، إذ أكمل دراسة الماجستير في تخصص إدارة الأعمال التنفيذية، رغم أنه حاصل على شهادة بكالوريوس في هندسة الالكترونيات . ويقول: المجالان مختلفان، ولكن ما جعلني ألتحق بمجال إدارة الأعمال التنفيذية رغبتي في تطوير ذاتي في المجالات القيادية والريادية، وبما أن لدي خلفية في الالكترونيات والهندسة شعرت بحاجة ماسة إلى تطوير نفسي في الامور القيادية . مشيراً إلى أنه في مجال الالكترونيات في كل يوم نرى شيئاً جديداً، وبامكاننا التعلم من خلال الخبرة العملية والانترنت والاطلاع المستمر . و يضيف: لو نظرنا إلى سوق العمل نجد أننا بحاجة إلى ادارة قوية مع التخصص الهندسي، وهذا ما دفعني للإكمال في مجال الادارة، ونظام الماجستير 4 ايام في الاسبوع في الفترة المسائية، ومطلوب منا رسالة بحث وعرض رسالة لكل مادة ندرسها .

نايف حمد موظف في الأمانة العامة في المجلس التنفيذي يقول: احمل شهادة في المالية، وسوف اكمل دراستي العليا في مجال الموارد البشرية، وما دفعني لذلك رغبتي بأن أكون ملماً بأمور أخرى، وتكون لدي خلفية جديدة في مجال آخر، ولكني اعتز بالشهادتين البكالوريوس والماجستير، لأني اعتبر الاثنين انجازاً يضاف لرصيد العلمي . مشيراً إلى أن نظام الماجستير يختلف عن نظام البكالوريوس، فالمجموعة التي يدرس معها لديهم خبرات تتجاوز ال 10 سنوات، وكل منهم يعمل في قطاع مختلف، والاحتكاك المشترك والمستمر بينهم يكسبهم خبرات إضافية ومعلومات جديدة، فالفائدة ليست مقتصرة فقط على المنهج العلمي المدرس بل يتعدى ذلك .

طبيعة عملي جعلتني أغير اتجاه دراستي، هذا ما أشارت إليه، خولة الزري موظفة في هيئة مطار الشارقة، وتقول: درست البكالوريوس في تخصص اللغة الانجليزية، أما الماجستير فاتجهت لكلية إدارة الإعمال، وذلك بحكم عملي المتعلق بإدارة الاعمال، ورغبت أن أوسع من مداركي وعلمي في مجالات جديدة، ولا أضع نفسي في خانة اللغة الانجليزية فقط، رغم وجود ماجستير في مجال اللغة الانجليزية .

وتشير إلى أنها تعتز بالشهادتين، وكلا التخصصين يفيدها في مجال عملها وعلى الصعيد الشخصي . لافتة إلى أن نظام الماجستير نظام شهري، ففي كل شهر يدرسون مادة بواقع 8 محاضرات بشكل مكثف في أسبوعين، وتقديم امتحان نهائي وبحث، مؤكدة أن المشرفين يدركون أن أغلب الطلبة موظفون فيتم مراعاة ذلك . موضحة أن الاقبال على الدراسات العليا ارتفع في الفترة الاخيرة، إذ وصل عدد الطلبة إلى 18 طالباً في الفصل .

دكتور باسم سليم عتيلي عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة الشارقة يقول: تعتبر مرحلة البكالوريوس المرحلة الجامعية الأولى والتي لا يتم اختيار التخصص فيها بناء على رغبة حقيقية من الطالب في أغلب الأحيان، وإنما قد تتحكم فيها عوامل أخرى منها رغبة الأهل والرغبة في ألقاب أو مناصب أخرى مغرية في ظاهرها، ليستنتج الطالب في مرحلة لاحقة أن رغباته الحقيقية في حقل علمي آخر وتخصص مختلف مما يدفع الكثير منهم إلى إشباع رغبته الحقيقية من خلال الدراسات العليا، ليحقق طموحه بالاستزادة من تخصص ما، لا بل وإجراء البحوث فيه، وعادة ما يحدد تخصص الطالب في البكالوريوس مساره في الدراسات العليا، ولكن يحق لكل طالب تغيير مجال دراسته عند الالتحاق بالدراسات العليا في بعض التخصصات وليس جميعها . فالتخصصات العلمية مثلا لا تقبل الطلبة الذين لديهم خلفيات أدبية أو غير علمية، بمعنى آخر أن بعض التخصصات الأدبية تقبل طلبة من خارج تخصصاتهم مثل تخصصات الإدارة، والتاريخ، والاتصال، وعلم الاجتماع، والترجمة، ومن الأسباب الأخرى وراء تغيير التخصص عدم توفر التخصصات المتناسبة مع تخصصهم في البكالوريوس في الجامعة التي يرغبون الدراسة فيها، وحاجة ومتطلبات السوق لتخصصات بعينها، بحيث يقبل الطالب على دراستها رغم أنها مختلفة عما درسه في المرحلة الجامعية الأولى، فمثلاً مديرو الشركات الكبيرة المنتجة والوزارات ومؤسسات القطاع الخاص بحاجة لدراسة الماجستير والدكتوراه في الإدارة الهندسية، خاصة أن خبراتهم بالميدان وحاجتهم إلى تطوير مؤسساتهم وشركاتهم تدفعهم إلى مثل هذه الشهادات، وتفسح المجال أمامهم إلى أن يكون موضوع بحثهم والرسالة التي سيقومون بإنجازها هي من ضمن المشكلات التي تواجههم أو من الموضوعات التي تحتاج إلى تطوير بمؤسساتهم . والمدرسون، وبكل التخصصات بحاجة إلى شهادات عليا كالدبلوم أو الماجستير بالتربية وطرق التدريس، لأن ذلك يعطيهم خبرة كافية بفنون التدريس وتوصيل المعلومة من جهة، وفتح باب الحصول على منصب وظيفي أعلى كموجه تربوي أو مدير مدرسة من جهة أخرى، كذلك مديرو الإدارات بحاجة إلى خبرات إدارية عليا مما يدفعهم لدراسة ماجستير في الإدارة التنفيذي والذي هو يخصص للمديرين الذين لهم خبرة بالإدارة لعدة سنوات، وفي حالة تغيير الطالب تخصصه، فإن كلية الدراسات العليا تشترط على الطالب تعويض هذا النقص بدراسة مساقات استدراكية قبل الخوض بالتخصص المطلوب لا سيما في حالة وجود ثغرات بالخلفية التعليمية للطالب .

ويشير إلى أنه يتم اختيار المدرسين الأكفاء والمؤهلين للتدريس في الدراسات العليا من بين مئات المتقدمين وعلى أساس خبراتهم البحثية والتدريسية والجامعات المرموقة التي تخرجوا فيها، كما أن جزءاً من الاعتماد الأكاديمي يتم بناء على توافر مثل هذه الخبرات ويكون شرطاً لاعتماد البرنامج .

ومن المعلوم كذلك أن هناك لوائح لدى الجامعة تقوم بتنظيم وضبط اختيار المشرف على الرسالة والحد الأعلى لعدد الطلبة التي يجوز له أن يشرف عليهم في آن .

ويلفت إلى أن فترة الدراسة تعتمد على نشاط الطالب وعلى جديته، وكذلك على مدى تفرغه للدراسة، فإن كان على رأس عمله أثناء الدراسة فمن الطبيعي أن تكون المدة أطول ممن هو لديه تفرغ تام للدراسة، لذلك تتفاوت المدة بالنسبة للماجستير بين سنة ونصف إلى أربعة سنوات ومن ثلاث إلى خمس سنوات بالنسبة للدكتوراه .

وعن مدى ربط خطط الدراسات العليا بالجامعات والبحوث التطبيقية للطلاب بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يقول: تنطلق الجامعة في ربط خطط الدراسات العليا بالجامعات والبحوث التطبيقية للطلاب بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة من رسالة الجامعة المتمثلة في تزويد طلبتها بخبرة تعليمية وتعلمية بأعلى مستويات الجودة، وتقديم قاعدة شاملة للبرامج الأكاديمية والمهنية، وتعزيز التطور الشخصي والاجتماعي والأكاديمي والمهني لدى كل الطلبة، وإثراء المعرفة، والمساهمة في التقدم الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، وتعزيز الثقافة والتراث والتاريخ العربي والإسلامي، والمساهمة في تقدم التعليم وفي تطوير الموارد البشرية لإمارة الشارقة وللدولة .

نظام الماجستير وشروط القبول في جامعة الشارقة

يوجد نظامان لدراسة الماجستير في جامعة الشارقة، الأول يسمى المسار الشامل، والثاني مسار الرسالة، إذ يقوم الطالب بدراسة ما يعادل نحو 33 ساعة معتمدة في كلا المسارين . وفي مسار الرسالة، يدرس الطالب 24 ساعة معتمدة (8 مواد دراسية) متبوعة برسالة ماجستير تعادل 9 ساعات معتمدة، أما في مسار الشامل، فيدرس الطالب 33 ساعة معتمدة تكون متبوعة بمشروع تخرج واختبار شامل يركز على الأساسيات التي تعلمها الطالب خلال فترة الدراسة .

أما شروط القبول فهي:

1- الحصول على شهادة البكالوريوس بتقدير جيد على الأقل من جامعة معترف بها من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة .

2- أن تكون الدراسة بالانتظام وليس بالانتساب .

3- تحقيق شرط اللغة الإنجليزية والذي يختلف من تخصص لآخر وبحسب اعتماد ذلك البرنامج على اللغة الإنجليزية .

4- اجتياز المقابلة الشخصية في بعض الأحيان .

5- تقديم رسالتي توصية من أعضاء هيئة تدريس درسوا الطالب بمرحلة البكالوريوس .

17% نسبة الدراسات العليا من إجمالي المبتعثين للخارج

د . حسام سلطان العلماء مدير البحث العلمي في وزارة التعليم العالي يقول: تقوم إدارة البعثات بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بابتعاث الطلبة الإماراتيين المستوفين لشروط الابتعاث إلى خارج الدولة فقط للالتحاق ببرامج البكالوريوس وبرامج الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في الجامعات المعتمدة من قبل الوزارة . وتمثل نسبة التحاق الطلبة الإماراتيين ببرامج الدراسات العليا خارج الدولة 17% من إجمالي الطلبة المبتعثين من قبل الوزارة لسنة ،2012 وبلغت نسبة الذكور 51% من إجمالي الطلبة المبتعثين في مجال الدراسات العليا لسنة 2012 بينما بلغت نسبة الإناث 49%، منهم 2 .22% في مجال الطب، و7 .6% في مجال الهندسة، و4 .24% في مجال العلوم الإدارية، و2 .12% في مجال الآداب والتربية، و4 .7% في مجال العلوم المالية والمصرفية، و2 .5% في علوم الحاسب الآلي، و1 .4% في العلوم السياسية، و7% في علوم القانون والشريعة، و4 .4% في مجال الإعلام، و4% في مجال العلوم، و2% في مجالات أخرى، مثل العلوم الشرطية والعلوم البيئية .

إكمال الطلبة الإماراتيين لدراساتهم العليا يدل على زيادة الوعي لدى الشباب الإماراتي بأن ذلك سيوفر لهم فرصاً أفضل للحصول على أفضل الوظائف، كما سيمكنهم من المساهمة بفعالية في بناء اقتصاد بلادهم ويمكنهم من التنافس بجدارة على الفرص الوظيفية . ومما لا شك فيه أن الحصول على شهادة عليا يضمن لهم دخلاً أفضل ومستوى معيشة أفضل لهم ولأسرهم .

* * *

مشرفو الرسالات العلمية والطلاب علاقة مغايرة

الكثير من الشباب يكمل دراسته العليا بسبب طموحه النابع من زيادة وعيه الاجتماعي والثقافي، وخبرته العملية الناتجة من سنوات عمل، وكل تلك الأسباب تجعل العلاقة التي تربط بين طالب الدراسات العليا والأستاذ علاقة مغايرة عن مرحلة البكالوريوس، فطالب الماجستير أكثر وعياً ونضجاً وخبرة، وبالتالي العلاقة أكثر سلاسة، وقضاء ساعات طويلة لإجراء البحوث العلمية والمتابعة المستمرة تغير طبيعة العلاقة الرسمية إلى علاقة صداقة وتبادل خبرات ومعلومات .

حصل علي عبدالله موظف في دائرة الشؤون الإسلامية في دبي على شهادة الماجستير في الآداب في اللغة العربية في جامعة الشارقة، ويشير إلى أن العلاقة التي كانت بينه وبين مشرف الماجستير علاقة جيدة، وتختلف عن علاقة الأستاذ بطالب البكالوريوس .

ويقول: وجدنا الاهتمام الكبير لرسالة الماجستير، ولكن لم يكن المشرف متفرغاً بشكل تام لأن لديه مهام كثيرة، وفي تلك الفترة قبل 4 سنوات كانت الإجراءات بطيئة في الأمور الادارية، فكان الهدف تنفيذ الاجراءات حسب اللوائح، وليس تسهيل الإجراءات على الطلبة، والطالب قد يتأخر بسبب الاجراءات الإدارية والروتينية، أما وثائق التخرج فقد كانت الامور جيدة حسب الجداول المحددة . لافتاً إلى أن رحلة البحث عن مشرف لرسالة الماجستير أخذ منه وقتا، فالمشرفون موجودون ولكن زحمة الطلبة جعله في حالة بحث عن مشرف متفرغ .

هبة جواد ربيع موظفة وطالبة في جامعة الشارقة تحمل شهادة بكالوريوس في الطب البشري، وتدرس حالياً ماجستير في الطب الجزئي، وتقول: علاقتي مع مشرفتي ليست علاقة استاذة وطالبة، بل علاقة صداقة، حيث أقضي وقتاً طويلاً في المختبرات لإجراء البحوث تحت إشرافها، واستمد من خبراتها الكثير، وتتطور العلاقة بشكل كبير لأن لغة الحوار والنقاش هي المتبعة بين طالب الماجستير والمشرف عليه . موضحة أن مشرفتها موجهة قبل أن تكون دكتورة، وحريصة على تقديم النصائح والتوجيهات لها، وأفكارها دائما تصب في مصلحتها .

أميرة الكتبي موظفة في دائرة الأراضي والأملاك تشير إلى أن طالب الماجستير لديه خبرة أكثر في مجال العمل والحياة مقارنة مع طالب البكالوريوس . وتقول: أساتذة الدراسات العليا يتعاملون معنا بكل سلاسة من دون الحاجة إلى فرض قوانين، إضافة إلى أنه في ما يخص شرح المواد العلمية فالدكتور يجد سهولة أكبر في ضرب الامثلة، لأن أغلب طلبة الدراسات العليا موظفون، ولديهم الخلفية العلمية والعملية والخبرة الحياتية .

خالد الحمادي موظف في الشرطة يقول: طالب الدراسات العليا قد يجد صعوبة في إكمال تعليمه بسبب اختياره الخاطىء للمشرف على رسالته، وهذا ما حدث معي، إذ لم أوفق في اختيار المشرف، فكان كثير الانشغال، ولا يبالي كثيراً بالانتهاء من الرسالة في الوقت المتوقع، بل كثيرا ما كان يؤجل الاشراف على بحثي، وهذا جعلني أتأخر في مناقشة رسالتي .

وتوافقه الرأي علياء راشد تخصص تقنية المعلومات، وتقول: علاقتي بالمشرف على رسالتي لم تكن جيدة، فكثيراً ما كان ينتقدني بطريقة سلبية، وهذا جعلني أكره الدراسة، وأكره البحث، وكثيراً ما كنت أختلف معه في العديد من المسائل التي تخص الرسالة، وكان كثير التدخل في الجزئيات الدقيقة، وذلك كان يحد من إعطائي فرصة للابتكار وتقديم الجديد في الرسالة .

حميد عبدالله موظف في البلدية أكمل دراسته العليا في مجال العلاقات العامة . ويقول: طالب الماجستير يختلف وضعه عن طالب البكالوريوس، وهذا ما وجدناه من حيث التعامل من قبل الاساتذة والمشرفين، وأيضا الهيئة الادارية في الجامعة، والطالب نفسه أصبح أكثر وعياً، ولا يتصرف بطيش وعصبية مثل طالب البكالوريوس .

د . خليفة راشد الشعالي أستاذ جامعي في الكلية الجامعية للعلوم الأسرية يقول: الأصل أن يكون الطالب ابن الاستاذ، يتعامل معه بشكل علاقة أبوية، يحتضنه ويعطيه كل ما يستطيع، ولكن عندما ذهبنا إلى بريطانيا، وجدنا أن الأمر يختلف من حيث الاشراف، ففي المدرسة الانجليزية يسمى مشرفاً ولا يتدخل في البحث، فالبحث ملك الطالب، يبقى دور المشرف في المنهجية، لكن جميع الأفكار يضعها الطالب من جهده وابتكاره، ولا يتحمل المشرف مسؤولية نتائج البحث في أثناء مناقشته أمام اللجان، بينما في بلادنا العربية نكون شركاء مع الطالب لدرجة أننا نفسد عليه أفكاره، بحيث يخرج البحث بشخصية الباحث والمشرف في الوقت نفسه، وافتقاد طلابنا لأدوات البحث الحديثة، يجعلهم بحاجة إلى من يساعدهم للتعرف إلى تلك الادوات البحثية التي تعينهم على إتمام بحثهم .

ويشير إلى أنه في الجامعات المحلية يشرف الاستاذ على 12 طالباً، ويعتقد أن أكثر من 5 طلاب عدد مرتفع . لافتا إلى أن عدد الطلبة يحدده نوع البحث الذي يبحثه الطالب . مؤكدا أن بعض الأساتذة يشاركون في تأخير رسالة الماجستير لعدم جاهزيتهم، لأن المشرف مسؤول مع الطالب أمام اللجان عن الرسالة .

* * *

عقبات تحول دون الحصول عليها

إكمال الماجستير والدكتوراه فرصة ونافذة لتحسين الحالة المادية، ووجاهة اجتماعية في الوقت نفسه، ولكن حلم إكمال الدراسة يواجهه العديد من العقبات والصعوبات التي تحول عن تحقيقه، وتختلف التحديات التي تقتل هذا الحلم من شخص لآخر . في هذه السطور نتعرف إلى العوائق التي واجهت بعض الطلاب وحالت دون إكمال تعليمهم وحصولهم على الشهادات العليا .

بدأت مريم النعيمي موظفة في مجلس أبوظبي للتعليم رحلة إكمال الدراسات العليا في جامعة الشارقة، تخصص لغة عربية، وبسبب انتقالها للعيش في ابوظبي والارتباط والعمل، لم تتمكن من إكمال دراستها . وتقول: كنت اجد صعوبة في التوازن بين المتطلبات الكثيرة، ولم أجد المراعاة من مشرف الماجستير رغم أني قضيت 5 سنوات من أجل إكمال تعليمي، وبعدها قررت الانسحاب وإكمال دراستي في كلية الدراسات الإسلامية وبسبب الحمل ووضعي الصحي لم أتمكن من الاستمرار وانسحبت من ثالث يوم دوام، لافتة إلى أنها تنوي إكمال تعليمها لاحقاً .

واعتبرت فاطمة الملا موظفة في وزارة التربية والتعليم أن العائق الرئيس لإكمال تعليمها هو شهادة التوفل . وتقول: منذ سنوات وأنا أرغب بإكمال تعليمي الجامعي في مجال العلوم، ولكن لم أتمكن من الحصول على شهادة التوفل لاتمكن من البدء بالدراسة، وأغلب الجامعات لا تسمح لنا بالبدء بالدراسات العليا من دون الحصول على شهادة التوفل .

أما خولة محمد خريجة جامعة الشارقة تعتبر أن الرسوم المادية المفروضة على الدراسات العليا هي العائق الرئيس . وتقول: من يمتلك الرغبة الحقيقية بالعلم والمعرفة سيسعى جاهداً لإكمال دراسته، والحصول على الشهادات العليا، ولكن يواجهه عوائق عديدة، كما واجهتني، إذ بدأت الدراسة ولكن لم أتمكن من المتابعة بسبب الرسوم الدراسية، وكوني إلى الآن لم أجد فرص وظيفية فهذا شكل عبئاً إضافياً على أهلي، فتوقفت مؤقتاً عن الدراسة .

ويؤكد فارس المهيري موظف في وزارة الداخلية أن اللغة الانجليزية أكبر عائق . ويقول: نحن خريجو الدفعات القديمة، دراستنا الجامعية كانت باللغة العربية، ولغتنا الانجليزية ليست بمستوى عال، وهذا يجعلني أتردد كثيراً، ولا اقدم على إكمال الدراسات العليا، رغم أن لدي هاجس كبير للعلم والحصول على شهادة الماجستير، والتحقت بدورات عديدة في اللغة الانجليزية ولكن من دون جدوى .

المهمات الكثيرة هي التي جعلت سيف الجابري موظف في الشرطة يتوقف عن إكمال دراسته . ويقول: أعباء العمل كثيرة، ومتطلبات الأسرة أكثر، ومشاكل الابناء تفوق الحد، وكل تلك الامور جعلتني أتوقف عن إكمال دراستي .

د . محسن شريف مساعد نائب مدير الجامعة لشؤون أعضاء هيئة التدريس في جامعة الإمارات يقول: العائق الرئيس أمام طلبة الدراسات العليا عدم التفرغ، فأغلب الطلبة غير متفرغين من عملهم، ومن الأفضل أن يكون الطالب متفرغاً بشكل جزئي من جهة عمله ليتمكن من إعطاء رسالة الماجستير حقها، وفي ما يخص طلبة الدكتوراه فالجامعة لا تقبل الا المتفرغين بشكل تام .

ويشير إلى أن اللغة الانجليزية ليست عائقاً أمام الطلبة، لأن معظم خريجي الجامعة لغتهم جيدة، لانها تنمى خلال دراستهم في مرحلة البكالوريوس، ولم تعد عائقاً أمام الطلبة كما كانت في السابق .

أ .د إيمان جاد عميد كلية التربية في الجامعة البريطانية في دبي تقول: التعليم العالي لدى البعض ليس من الاولويات، ويتجاهلون التعليم بحجة أنه ليس الوقت المناسب للتعليم، وهذا يمثل عائقاً لدى البعض، والبعض الآخر يعتبر الرسوم المادية لإكمال الدراسات العليا تثقل من كاهله، ولكن ما تبين لنا من خلال إجراء دراسة على وضع خريجي الدراسات العليا، وجدنا أن الدراسات العليا تربية مهنية وينتج عنه نقلة نوعية في عمل صاحبه، ومضاعفة راتبه، فأغلب الطلبة بعد حصولهم على الشهادة العليا حصلوا على مناصب أفضل ورواتب أعلى ودعمه للعائلة كان بشكل أفضل، وحقق النجاح الذاتي، فالاستثمار في التعليم العالي جيد، وما يمنع ذلك هو الاعتقادات الخاطئة .

وتشير إلى أن عدم التفرغ ليس عائقاً، فلو كانت النية موجودة فالوسائل تتوافر، فلا يجب على الفرد تعطيل تعليمه في سبيل انتظار التفرغ .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"