الإسلام ناسخ الأديان السابقة

عالم متجدد
01:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

يقول بعضهم: أنتم تقولون إن الإسلام عندما جاء نسخ الأديان السابقة، لكن كيف ينسخها وهي كلها حق ومعزز بكتاب سماوي؟

أقول لهؤلاء: مسألة الناسخ والمنسوخ موجودة حتى في الإسلام نفسه، فلعلة يعرفها الله تعالى نسخ الآية بالآية، ونسخ الحديث بالحديث، ولا يقلل ذلك شيئاً من قيمة المنسوخ، إذا عرفنا أن الشريعة أخذت بمبدأ التدرج في الحكم .

وما يقال عن دين الإسلام في داخل نفسه، حيث ورد الناسخ والمنسوخ، يقال عن الإسلام مع الأديان الأخرى أيضاً .

فاليهودية والنصرانية وإن كانتا معززتين بالتوراة والإنجيل وهما كتابان سماويان، إلا أن الله تعالى لم يرد لهما الخلود والدوام، بل أراد من هذين الكتابين أن يكونا مصدر إرشاد وتعليم لفترة من الزمن ولفئة من البشر، وما فيهما من أحكام كانت ملبية لاحتياجات تلك الفترة الزمانية .

وقد روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الكتاب الأول نزل من باب واحد (رواه ابن حبان والحاكم، وذكره ابن حجر في فتح الباري)

يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري، رحمه الله تعالى: معناه أن الكتاب الأول نزل خالياً من الحدود والأحكام والحلال والحرام .

ويقول الشيخ خالد عبدالقادر مؤلف كتاب فقه الأقليات المسلمة: لهذا كله لم يكن المسيح حاكماً لدولة، ولا قائداً لجيش، ولم يكن أباً ولا زوجاً، وإنما كان نبياً ورسولاً فقط، وفي بني إسرائيل فقط، وما يقال عن عيسى يقال عن موسى عليهما السلام .

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي . . وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة . (رواه البخاري)

يفهم من ذلك أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة، وأن كل الأديان السماوية السابقة منسوخة بالإسلام، ومن عرفه ولم يؤمن به فهو هالك، ولا ينفعه إيمانه بالأنبياء السابقين، أما من لم يعرف النبي محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يعرف القرآن، ومات على دين سماوي سابق، فلا يحاسب على عدم إيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم .

إذن فإن الأديان السابقة كانت محدودة الزمان والمكان والمحتوى، ولذا روي عن المسيح عليه السلام قوله: لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة، (انظر إنجيل متى 15-21)

وإنك لو نظرت في أناجيل النصارى عموماً والمعتبرة لديهم، لما وجدت فيها إلا طوائف من المواعظ والأمثال والمواقف، ولا تجد فيها أحكاماً تبين الحلال والحرام كما قلنا إلا نادراً .

يقول الدكتور عبدالله بن إبراهيم الطريفي في دراسته العلاقة بين النبوات نسخ أم تصديق؟: بالرغم من أن الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده هو دين واحد وهو دين الإسلام الذي جاء ليكون الأشمل والأكمل والأتم، إلا أن النبوات كلها اتفقت على أصول عامة أربعة هي: توحيد الله تعالى، والأركان العملية الكبرى كالصلاة والزكاة والصيام مع الاختلاف في الشكل والمقادير، ثم الأصل الثالث القيم الخلقية كالصدق والعدل، والأصل الرابع تحريم الفواحش كالقتل والزنا والسرقة .

نعم . . . ويستند هذا القول إلى ما ذهب إليه القرطبي رحمه الله تعالى الذي قال: ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينها في الفروع .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"