حلول حديثة لإصابات مفصل الركبة

23:20 مساء
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تُشكل العظام الدعامة الأساسية التي يرتكز عليها الجسم، ويسمى المكان الذي تلتقي فيه العظام بالمفاصل، وأهمها مفصل الركبة مركز النتوء الكبير في وسط رجل الإنسان، الذي تتلاقي فيه عظمة الفخذ مع عظمة الظنبوب، وهي إحدى عظمتي الساق، ويُعد مفصل الركبة أحد المفاصل المعقدة في جسم الإنسان، وعُرضة أيضاً للإصابة سواء الحادة أو حدوث هشاشة العظام، ولذلك يبحث الخبراء والاختصاصيون دائماً عن تقنيات حديثة لتوفير الراحة للمصابين، وممارسة الحياة بشكل طبيعي.
يقول الدكتور تريكام دنكريا، مختص جراحة العظام أن الركبة تتكون بشكل أساسي من ثلاثة مفاصل فرعية (حيزات-غرف)، لكل واحد منها وظيفة مختلفة، وحالات مرضية خاصة تميزها، كالاتي:-
- الغرفة الوسطى في الركبة أو الجزء الداخلي القريب من الركبة الأخرى، ووظيفتها حمل الوزن.
- الغرفة الجانبية (الاتجاه الخارجي للركبة)، ووظيفتها تكمن في الحركة الانزلاقية والدائرية (pivot).
- الغرفة الرضفية الفخذية (الرضفة وتجويف عظمة الفخذ)، وهدفها التحرك بحيث تتحرك الرضفة بين ارتفاعي عظمة الفخذ على ما يشبه سكة الحديد.
يضيف: في الغرفتين الوسطى والجانبية هنالك دور لمركب آخر يساعد على امتصاص الصدمات وتوزيع العبء، وهو الغضروف المفصلي الأوسط والجانبي، وفي تركيب مفصل الركبة يوجد غضروف يقوم بامتصاص الصدمات التي تتعرض لها الركبة، والغضاريف على وجه العموم هي أنسجة كثيفة تتكون من الخلايا الغضروفية وتوجد في عدة أماكن من الجسم كالأنف والأذن وفي المفاصل وغيرها، وتختلف أشكالها وأنواعها باختلاف أماكنها ووظائفها.

غضروف الركبة

يوضح د. تريكام أن غضروف الركبة في الواقع غضروفان هلاليان يعرفان بالغضروف الأنسي الداخلي، والآخر الوحشي الموجود في الجهة الخارجية من الركبة، ويكونان أكثر كثافة في الجوانب وأقل في منتصف الركبة، ويعملان مع بعضهما على امتصاص الصدمات التي تتعرض لها الركبة أثناء المشي والقفز وغيرها من النشاطات، وأيضاً تخفيف الضغط الذي يرتكز على الركبة بسبب وزن الجسم، كما أنهما يعملان على تثبيت الركبة وتقليل الاحتكاك بجعل الحركة أكثر سلاسة لحماية عظمتي الفخذ والساق من التآكل، وتكون حركة وثبات الركبة في كل مجالات الحركة منظمة وأوقاتها محددة بشكل جيد بواسطة مجموعة من الأشرطة، الأوتار والعضلات التي تمتص جزءاً كبيراً من طاقة الكبح عند المشي أو الركض.

مسببات الإصابة

يشير د. تريكام إلى أن هناك العديد من الأسباب أو التحركات الفجائية للركبة بطريقة خاطئة، التي تؤدي لإصابتها ويصحبها بعض العلامات، مثل:-
- تمزق الغضروف الذي يعد من أكثر الإصابات الشائعة بين الناس بشكل عام، والرياضيين بشكل خاص، ومن الأعراض التي تحدث عند الإصابة بتمزق الغضروف هو سماع الشخص لصوت عند الإصابة أو عند تحريك الركبة، كما أنّ التمزق يؤدي إلى ورم شديد حول المفصل بسبب تجمع السوائل، وفي أغلب حالات إصابة تمزق الغضروف فإنّ الطرق الطبيعية بالعلاج لا تعمل على علاج التمزق، وتكون الجراحة هي الاختيار الأمثل.
- تعرض الركبة لإصابة مباشرة عند القيام بثنيها بشكل خاطئ ومفاجئ، أو القيام بحركة عنيفة وتعرضها لضغط مباشر، وأكبر مما يستطيع الغضروف احتماله، يضاف إلى ذلك أداء التمارين الرياضية العنيفة بشكل شبه يومي خاصة رياضة الجري وكرة القدم، حيث تتعرض الركبة إلى تمزّق وتعب في حال توقّف اللاعب عن الرياضة بشكل مفاجئ. ثني الركبة بصورة خاطئة عند الجلوس أو الحركة. التعرّض لضربات شديدة على الركبة.
- التقدم بالعمر يعد من الأسباب التي تساعد على تمزق غضروف الركبة، ويعود السبب في ذلك إلى نقصان كثافة النسيج الغضروفي، وبسبب الحركة المستمرة التي تحدث في مفصل الركبة والوزن الذي تحمله فإنّ هذه الحركة والضغط الواقع على الركبة، ربما يؤدي إلى حدوث أضرار أو أمراض خاصة مع للمسنين.

تشخيص وأعراض

يفيد د. تريكام أنه في العادة يقوم الطبيب بعمل مجموعة من الحركات عند التشخيص الأولي، كثني الركبة والضغط على مواضع الأوتار والغضاريف ليعرف مصدر الألم، ويتم التأكد من التمزق عن طريق صورة الرنين المغناطيسي، ولإصابات الركبة العديد من العلامات المتشابه، والأعراض الرئيسية ومنها:-
- الشعور بآلام قاسية أو متوسطة، وكذلك تكون كلية أو جزئية، مع وجود تورم في مفصل الركبة.
- بعض إصابات الركبة يزداد الألم عندما يقوم الشخص المصاب بنشاطات مختلفة، كصعود السلالم، وبسط الركبة، وعندما يقوم بإراحة الركبة يشعر بتحسن.
- من الأعراض الشائعة لإصابات الركبة انعقال الركبة، حدوث تيبس في الركبة، ضعف وزيادة أصوات القرقعة الناتجة من الركبة.
- تتسبب بعض الإصابات في احمرار الركبة، أو تصبح دافئة، مع ظهور نتوء عظمي تحت الصابونة، الصعوبة الشديدة في رفع أو ثني الساق ورفعها.

مشكلات

ويبين د.تريكام أنه ليس بالضرورة أن كل ألم في الركبتين ينبع من تآكل الغضروف المفصلي، فعند مواجهة مشكلة بيولوجية، أو ميكانيكية بالجسم،
- يعتقد المرضى وخاصة الشباب، بأن هذه المشكلة دلالة على بداية عملية تآكل في الغضروف مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب، وهذا ليس صحيحاً، حيث
إن هذا النوع من الإصابات لا يتفاقم.
- عند الإصابة العنيفة في الركبة نتيجة صدمة، حادث، أو سقوط على الأرض يحدث تمزق في الرباط المتصالب الأمامي، وهنا يعاني المصاب عدم ثبات في الركبة، وبالأساس هو يعاني حدوث تغيرات مهمة في حركة الركبة، والتي يمكن أن تسبب ضرراً في الركبة، نتيجة تآكل الغضروف مع مرور الوقت، بحيث يعادل هذا التآكل تسعة أضعاف ما يحدث بشكل طبيعي في الركبة السليمة.
- الالتهاب مرحلة متقدمة من الضرر الذي يحدث في مبنى المفصل، إذ تشكل عملية الالتهاب ردة فعل الجسم ومحاولة منه للتغلب على الضرر ومحاولة إصلاحه، فعندما يكون الالتهاب ناتجاً عن مرض آخر غير التهاب المفاصل، فإنه يشفى في أغلب الأحيان، وخاصة عندما تتم معالجة المشكلة الأولية، كتمزق الغضروف المفصلي، أو صقل الغضروف وزرع أجسام غضروفية في داخل كبسولة المفصل.
- يعاني الشخص المصاب في الغالب ألماً مستمراً، مع صعوبة في تحريك المفصل وفي بعض الأحيان يحدث تورم في المكان المصاب، وهنا يأتي دور الطبيب المعالج في اكتشاف مصدر المشكلة في الجسم لكي يستطيع معالجتها بشكل ملائم.

مخاطر ومضاعفات

ويؤكد د. تريكام على أن الآلام التي تستمر لمدة طويلة، بدون أي حادث قبل بدء الألم، أو تورم، ولا تقيد مجال الحركة أو صعوبة في الدوس، فإنها لا تستدعي إجراء فحص فوري، وإنما من الممكن معالجتها بواسطة تناول مسكنات الآلام، والخلود إلى الراحة، أوالتوجه إلى معالج طبيعي مؤهل لكي يتم تقييم الحالة والعلاج، وعلى الطبيب أن يقرر إن كانت هنالك ضرورة لإجراء فحوص أشعة بحيث يستند هذا القرار على اشتباه بوجود مرض معين يريد الطبيب تأكيد، أو نفي، وجوده، بالاستعانة بصور الأشعة، فحص الموجات فوق الصوتية، ومسح العظام والرنين المغناطيسي، وهي الفحوصات الشائعة التي يتم استخدامها لاكتشاف سبب الآلام.
يستكمل: يمكن أن يؤدى عدم استجابة المريض للعلاج، إلى حدوث مضاعفات كبيرة فيتم استبدال المفاصل في عملية جراحية، تتطلب احتجاز المريض في المستشفى، وعلاجاً تأهيلياً طويل المدى، حيث يتم الاستعانة بالمفصل الاصطناعي، وهو مكون من فولاذ وبلاستيك، وتكون مدة العمل به محدودة، حيث إن هناك علاقة عكسية مع السن والنشاط الذي يقوم به المريض، فكلما كان المصاب في سن أصغر ويحتمل أن يقوم بنشاطات أكثر، تكون مدة حياة المفصل الاصطناعي أقصر، كما أن الاستبدال المتكرر يؤدي إلى تقلص كتلة العظام وارتفاع خطر الجراحة بشكل كبير.

استبدال المفصل

عن التقنيات الحديثة في تبديل مفصل الركبة، يوضح الدكتور عطا الله الرفاعي مختص جراحة العظام والطب الرياضي، أن هناك تطوراً هائلاً في عمليات تبديل مفصل الركبة حيث يتم حالياً، استخدام تقنيات الكمبيوتر في تصنيع مفصل ركبة مطابق كما الطبيعي، ويتم أجراء صور ثلاثية الأبعاد، ومن ثم يتم حساب القياس الحقيقي لمفصل المريض الطبيعي، وتكون النتيجة تركيب مفصل طبق الأصل للطبيعي، وتتميز هذه المفاصل الحديثة بخاصيات ضرورية للمريض، حيث يستطيع ثني الركبة الكامل والجلوس على الأرض بشكل مريح، بالإضافة إلى تقنيات أخرى عديدة وهامة كاستخدام التيتانيوم في تصنيع مفصل الركبة والذي يتمتع بالمتانة.

علاج تآكل غضروف الركبة

يؤكد د. عطا الله على أن عملية استبدال مفصل الركبة أصبحت من الحلول الناجحة في المراحل المتقدمة لعلاج تآكل الغضروف في مفصل الركبة، الذي يحدث غالباً نتيجة لالتهاب المفاصل المزمن، على اختلاف أنواعه، وخاصة خشونة المفصل، الذي يؤدي إلى تحديد قدرة المريض على تحريك مفصل الركبة، ومن المؤكد أن تبديل المفصل يُعد من العمليات الجراحية التي تتطور تقنياً بسرعة كبيرة، حيث يتم فيها استبدال مفصل الركبة بأجزاء صناعية معدنية بشكل كامل أو جزئي، وعادة ما يوصى بإجراء هذه العملية للمرضى كبار السن الذين يعانون ألماً أو فقداناً لوظيفة المفصل بسبب خشونة المفاصل أو التهاب المفاصل والحالات التي لم تنجح فيها الطرق العلاجية المحافظة السابقة، مع العلم أنه أثناء القيام بعملية استبدال الركبة يتم عادة أزالة السطوح المفصلية المهترئة واستبدالها بسطوح معدنية متينة.

خشونة المفاصل

يبين د. عطا الله أن نسبة الإصابة بخشونة المفصل تزداد مع التقدم بالسن، حيث يحدث تضيق في المسافة المفصلية الطبيعية، ومع مرور الوقت تظهر آلام متكررة، وتورم مفصلي، وتحدد ملحوظ في حركات المفصل، و بالنهاية يصبح المريض غير قادر على المشي بشكل صحيح، حيث يتطور العرج، وعادة ما يتم العلاج بإجراء عملية تبديل مفصل الركبة بعد فشل كل العلاجات الأخرى، كالأدوية المضادة للالتهاب، الحقن المتعددة، العلاج الفيزيائي، أو إصلاح الغضاريف باستخدام المنظار، وعندها يصبح المريض غير قادر على مزاولة نشاطاته اليومية، أو حتى النشاطات البسيطة، ما يؤثر سلباً على نمط حياة المريض.

نصائح إرشادية

ويوصى د. عطا الله ببعض الإرشادات الواجب العلم بها ومراعاتها، عند اتخاذ قرار إجراء عملية تبديل مفصل الركبة كــ:-
- ضرورة عمل الفحوصات المختبرية قبل إجراء عملية استبدال مفصل الركبة، أو الإشعاعية، ويتم تحديد ذلك بحسب عمر المريض والأمراض التي يعاني منها.
- إجراء فحوص الدم الشاملة، وخاصة لكبار السن، حيث يقوم الطبيب بإرسال المريض لأجراء فحص تصوير للركبة، بالأشعة، مع عمل التصوير بالرنين المغناطيسي.
- مراعاة الاهتمام بالتأهيل الطبيعي بعد استبدال مفصل الركبة، حيث يحتاج المريض لستة أسابيع من التأهيل الفيزيائي ليصبح قادراً على العودة لممارسة الحياة الطبيعية، والنشاطات اليومية، ويستطيع المشي منذ اليوم الأول بعد العملية، والتدريب على صعود و نزول الأدراج بعد أسبوع من إجراء العملية، ويستطيع قيادة السيارة بعد أربعة أسابيع.

الفصال العظمي

الفصال العظمي هو مرض يصيب المفاصل يسبب تآكل الأكياس بين العظام، أو الغضروف، تؤدي الإصابة به إلى اهتراء المفصل مع الزمن، ويسبب هذا الالتهاب تغيرات في العظم، ويحدث هذا الالتهاب عند كبار السن بشكل أكبر من غيرهم، وعندما يوجد التهاب في المفصل ويؤدّي إلى ارتضاد في المفصل، ويحدث هذا الالتهاب أثناء ممارسة الرياضة، كما أن هناك التهاب المفصل الروماتويدي، الذي يؤدّي إلى تورّم واحمرار مفصل الركبة، ويعتبر هذا الالتهاب من أمراض المناعة الذاتية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"