انتشار التخمة ينذر بكارثة على صحة أجيال المستقبل

03:12 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعاني الكثير من الأشخاص في الدول العربية من حالة التخمة وزيادة الوزن، وهذه الحالة منتشرة أكثر بين السيدات، كما أن الكثير من الأطفال يصابوا بمشكلة السمنة في سن مبكر، وهذه الظاهرة المرضية نتيجة العديد من العادات والتقاليد غير الصحية سواء كانت تتعلق بتناول الغذاء أو الوجبات الغذائية الدسمة والجاهزة والخفيفة، وكذلك العادات السيئة التي يقع فيها الكثير من الأبناء، وانعكاس ذلك على الراحة النفسية وانفتاح الشهية وزيادة محال الوجبات الجاهزة
الكثير من الأمهات تعتقد أن تسمين الطفل يدل على بيئته الغنية، وتتفاخر بعض الأمهات بالأطفال السمان أمام المحيطين، والتخمة أو السمنة ليست دليلاً على الصحة الجديدة ولا الغذاء المفيد، ولكنها حالة مرضية مضرة للغاية، حيث تؤثر السمنة على معظم أجهزة الجسم بالسلب، وترهق القلب والأوعية الدموية ويرتفع الضغط بسبب زيادة نسبة الدهون والشحوم في الدم، وتعد السمنة من العوامل والأسباب التي تمهد وتفتح الطريق أمام الإصابة بكثير من المشاكل الصحية والأمراض الخطيرة، وفي هذا الموضوع سوف نتناول أسباب الإصابة بالتخمة، والأعراض التي تنجم عن هذه المشكلة الصحية، وكيفية الوقاية منها والحفاظ على وزن صحي طبيعي يعطى الشخص القوة والحيوية والنشاط اللازم لممارسة الأنشطة اليومية المعتادة.
السكري والضغط
يفقد الكثير من الأشخاص العزيمة واتخاذ القرار للتخلص من حالة التخمة المرضية، إضافة إلى أن بعض الأشخاص يعتبرون السمنة مدعاة للتفاخر ونتيجة للحياة الكريمة وحالة العز التي يمر بها هؤلاء، وبعض الأمهات ترى أطفالهم أجمل في حالة السمنة، ولا تعلم أنها تهدد مستقبله الصحي بدرجة كبيرة، وغالبا ما تحدث السمنة في بعض المجتمعات العربية بسبب عادات الغذاء غير الصحية وحالة الخمول والكسل والراحة المستمرة، وعدم بذل مجهود يكفي لإخراج الطاقة اللازمة من الجسم، والسمنة تعني تراكم الدهون في أماكن مختلفة من الجسم مثل منطقة البطن والجوانب، مع إمكانية ظهور أجزاء أخرى من الجسم مليئة بالدهون تنتج حالة من عدم التناسق في الشكل العام، ووصول الدهون إلى معدل عال في الجسم يؤثر سلبا على الصحة العامة للشخص، وإذا استمرت حالة التخمة تتطور وتؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة، ونلاحظ أن أعداداً كبيرة من المصابين بهذا المرض لا تعطي له اهتماماً مثل بقية الأمراض الأخرى، رغم أن هذه الظاهرة المرضية تهدد حياة الكثير من المصابين، لأن التخمة سبب مباشر للإصابة بقائمة طويلة من الأمراض الفتاكة المسببة للوفاة، ومنها مرض السكري من النوع الثاني الذي يضر معظم أجهزة الجسم، وكذلك أمراض القلب والشرايين الدموية، وأمراض المفاصل والدوالي، والتخمة عامل رئيسي في ارتفاع ضغط الدم، وله دور كبير في الإصابة بحالات السكتات الدماغية، وأحد عوامل حدوث هشاشة العظام، وعلاج مرض التخمة يتطلب إرادة وعزيمة قوية واتباع طرق وأساليب دقيقة، ومعظم الأشخاص لا يستمرون في العلاج لأنه اختياري.
الهرمونات والأدوية
يعد مرض التخمة من الأمراض المعقدة والمزمنة حيث يتشابه مع مرض السكري، ويسبب مشاكل نفسية واجتماعية إضافة إلى الأضرار الصحية الأخرى، فهو من الأمراض التي تدخل صاحبها في دوامة من المشاكل والأمراض الأخرى المستمرة، ويوجد الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض التخمة، ومنها بعض الاضطرابات التي تصيب الهرمونات والغدد وخاصة في سن البلوغ، وتطورات هذه الهرمونات يمكن أن تصيب الشخص في هذه المرحلة بحالة التخمة، وتعاني السيدات أثناء فترات الحمل والرضاعة من هذه المشكلة بسبب التغيرات الهرمونية، ثم تغيرات أخرى في فترة انقطاع الطمث، وفي هذه الفترات تتعرض السيدات للإصابة بمرض التخمة بدرجة كبيرة تصل إلى ضعف نسبة الرجال، كما توجد بعض الأدوية والعلاجات الطبية التي تسبب هذه المشكلة، حيث تعتبر من الآثار الجانبية لهذه الأدوية، وتوصلت نتائج بعض الدراسات إلى أن ما يقرب من 70% من المصابين بمرض التخمة بسبب المعاناة من الضغوط النفسية اليومية المتكررة والتوتر والاكتئاب، وتعتبر العوامل النفسية عموما من الأسباب الأساسية للإصابة بزيادة الوزن، لأن بعض الأشخاص الذين يعانون حالة نفسية سيئة يحدث لديهم نوع من النهم والإقبال على تناول الطعام، كنوع من التنفيس وإخراج الطاقة السلبية المستمرة في الطعام، وبذلك يلتهمون كميات كبيرة من الوجبات تقودهم إلى حالة التخمة.
الوراثة والعمر
تشمل أسباب الإصابة بمشكلة التخمة عامل السن، حيث تزداد فرص حدوث السمنة كلما تقدم الشخص في السن، ومن المعروف أن الشخص يزيد في الوزن بمقدار من 4 إلى 3 كيلوجرامات كل 11 عاماً لأن الوزن يزيد بتقدم العمر، كما تلعب العوامل الوراثية دورا كبيرا في الإصابة بمرض السمنة، حيث كشف بحث جديد ان العامل الوراثي يمثل حوالي 72% من أسباب الإصابة بالتخمة، حيث تحمل الجينات الوراثية مسببات السمنة، وتوصلت دراسة جديدة أجريت على الحيوانات إلى وجود أكثر من 220 جينا مسؤولا عن توريث مرض التخمة في هذه الحيوانات، ورغم عدم إثبات ذلك على الأشخاص إلا انهم وجدوا بعض الخلايا الدهنية الزائدة عن الوزن الطبيعي متوارثة من الآباء وهي أحد الأسباب المهمة في الإصابة بهذه المشكلة، وفي حالات الوراثة يصعب العلاج للتخلص من السمنة، والعوامل الوراثية تتمثل كذلك في إنتاج هرمون الأنسولين بكمية كبيرة، حيث يؤدي إلى تراكم الدهون في الجسم مع صعوبة في التخلص منها، والبعض يرغب الإقبال الشديد على الطعام والتهام كميات كبيرة من منه مما يؤدي إلى التخمة، والوراثة تشمل أيضا إفرازات الأنزيمات وشكل توزيع الدهون على الجسم ومعدل احتراق هذه الدهون وإنتاج طاقة.
التكنولوجيا والعادات السيئة
يتبع بعض الأشخاص عادات وسلوكيات غير صحية في تناول الطعام تساهم بشكل كبير في الإصابة بحالة التخمة، ومن هذه العادات تناول الوجبات المليئة بالدهون والشحوم، بالإضافة إلى التهام كميات ضخمة من الحلويات والنشويات التي تسبب زيادة الوزن، ويتناول الكثير من الأشخاص بعض الوجبات السريعة والخفيفة والتي تعتمد على الدسم، وهذا السلوك يعجل من مهاجمة السمنة المفرطة للجسم، وعادة الإسراع في النوم بعد تناول الوجبات والمشروبات مباشرة تعد أهم أسباب الإصابة بمرض التخمة، ويرتبط كل ذلك مع قلة النشاط والحركة والكسل وعدم ممارسة الرياضة مع ضعف المجهود الجسماني، كل هذه العوامل تقود إلى مشكلة السمنة بجدارة واستحقاق، كما ربطت بعض الدراسات بين التكنولوجيا الحديثة وضعف الحركة وقلة خروج الطاقة من الجسم وكذلك زيادة تناول الوجبات، وبين ارتفاع معدلات الإصابة بمرض التخمة في العصر الحديث، والكثير من الأشخاص يسلك الطرق السهلة والبسيطة التي لا تستهلك طاقة من الجسم في تحقيق أغراضه عموما، والتخمة في الماضي كانت تظهر في الدول المتقدمة والمتحضرة كنوع من الرفاهية وارتفاع الدخل وزيادة الإفراط في الطعام والشراب، مع إنتاج الوجبات الغذائية المتنوعة والسريعة والمليئة بكميات ضخمة من الشحوم، ظهرت السمنة والتخمة بسبب هذه التغذية غير الصحية، ولأن أسعار هذه الوجبات زهيد أدى ذلك إلى انتشار السمنة في البلاد الفقيرة والنامية، والكارثة أن عدداً كبيراً من الأمهات يبالغ في إطعام الأطفال ليصلوا إلى درجة السمنة، مما جعلها ظاهرة منتشرة بين قطاع عريض من الأطفال، ومن الضروري نشر ثقافة جديدة تذكر الأشخاص أن التخمة أو السمنة هي مرض مؤذ، وليس ترفاً ولا تغييراً في الحجم والوزن كما يظن الكثير، ولكنه مرض ليس سهلاً ولا بسيطاً بل على درجة عالية من الخطورة مثل الأمراض الأخرى الجسيمة.

ثلث الوزن

تشير منظمة الصحة العالمية أن مشكلة التخمة وزيادة الوزن أصبحت ظاهرة عالمية منتشرة، حيث يصل عدد الأشخاص الذين تتجاوز أوزانهم الحد الطبيعي حوالي 2.1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، ممن تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، منهم حوالي 620 مليون شخص مصابون بمرض التخمة أو السمنة، وحوالي 44 مليون طفل أقل من 6 سنوات يعانون التخمة، منهم حوالي 35 مليون طفل يعيشون في البلاد النامية، وغالباً ما تستمر حالة التخمة لدى هؤلاء الأطفال حتى الكبر، وهم الأكثر تعرضاً لمخاطر الإصابة للأمراض المزمنة مثل السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولذلك تحتل الوقاية من هذه المشكلة المرضية في سنوات الطفولة أهمية كبرى، وتعد التخمة من الأمراض التي تفتك بصاحبها وتقتله مع الوقت، كما تعتبر حالات سمنة الطفولة من أخطر المشاكل الصحية في السنوات الأخيرة، والتخمة تنتشر بشكل متزايد في الدول الفقيرة والمتوسطة، والتخمة تحدث عندما ترتفع نسبة الدهون والشحوم المتراكمة بالجسم أكثر من 33% من الوزن الكلي للشخص، أي بمعدل ثلث وزن الجسم تقريباً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"